نقد وتقويم لنظرية النفس والعقل عند فلاسفة المسلمين
بقلم: د. راجح الكردي .
1 ـ إن التعريف الذي اتفقت عليه كلمة فلاسفة المسلمين بأن النفس كمال أول لجسم آلي إنام هو تعريف أرسطو لم يغير منه هؤلاء الفلاسفة شيئاً ثمّ إن ما نسبوه إلى النفس والعقل من طبيعة روحية ـ إذ قالوا بجوهريتهما ـ إنما كان بإيماء من التصور الديني الذي يعتبر النفس هبة روحية من الله سبحانه للجسم كي تكون له عنصر الحياة وأداة التمييز والمعرفة. ويقف العقل كأعلى قوة من قواها لأداء مهمة المعرفة بمعنى أن يكون مناط التكليف والدلالة الواضحة البينة المتميزة على أهلية المكلف للخطاب الشرعي. ولكن تفصيلات الفلاسفة وشروحهم لأقسام النفس ولقوى العقل لا نجد لها مستنداً من الدين أبداً، وإنما كلا المدرستين:
الفيضية الفارابية ومَن تبعها، والرشدية، كانتا مقلدتين وناقلتين تماماً لأقسام هذه النفس وقواها من حيث المبدأ والاصطلاحات. وإن كانت تبرز هناك شخصية فيها جدة فإنما كانت في عملية التوفيق بين الفلسفة والدين وفي محاولة تطبيق آراء الفلسفة اليونانية على مصطلحات الدين فالنفس لدى الفلاسفة هي الروح لدى الدين والعقول ملائكة وعالم العقول عالم الخلق والفيض عالم الأمر. وفي هذه المحاولة من الخطر ما فيها على الفلسفة من جهة وعلى الدين نفسه من جهة أهم.
وإن فلاسفة المسلمين بمحاولاتهم الجادة من أجل شرح نظرية الخلق بنظرية العقول لا يمكن أن يمثلوا بحال من الأحوال التصور القرآني لشرح عملية الخلق، وتفسير نظرية الكون. ومن ثم كقاعدة لتفسير نظرية المعرفة وأن الشخص ليستطيع أن يقول: إن الفلسفة اليونانية قد أضفت على الفكر الوثني والأساطير الشعبية اليونانية الطابع العقلي على يد أفلاطون وأرسطو، وامتزجت بطابع التصوف الشرقي والعمل التوفيقي على يد أفلوطين ونالت من المسحة الدينية على يد فلاسفة اليهود والنصارى، وعادت لتتخذ الطابع الصارم على أيدي فلاسفة المسلمين مع محاولة واضحة لإخراج المفاهيم الاسلامية عن أصالتها. ولم تفلح تلك المحاولات في صياغة نظرية للنفس والعقل، أكثر من أنها كرست عبادة العقل وأكدت تقديس الطبيعة بما فيها من عقول الأفلاك. وخرجت عن مفهوم الخلق في القرآن إذ جعلته إخراجاً للشيء من القوة إلى الفعل، سواء بطريقة الفيض أو بالتأكيد على جوهرية الكون المركب من مادة وصورة.
2 ـ إن تعريف النفس والعقل تعريفاً بالحد أمر غير ممكن ذلك لأن كنه الشيء لا يعلمه إلاّ الله سبحانه. ومن ثم كانت محاولات الفلاسفة اليونانيين ومَن تبعهم من فلاسفة المسلمين لا تعدو أن تكون عملاً لا طائل من ورائه . ولذا فإن النبيّ (ص) لما سئل عن طبيعة الروح وماهيتها نزل قوله تعالى: (ويسألونك عن الرُّوح قل الروح من أمر ربِّي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً). فحقيقة الروح ربانية لا يعلمها إلاّ الله سبحانه. وكذلك حقيقة النفس والعقل، وليس هنالك من علم قاطع عن طبيعة كل منهما وحتى عن بيان مساواة كل منهما للأخرى أو عدم مساواتها ولا يعدو التفريق بين هذه المصطلحات إلا محاولات من خلال استعمال كل كلمة منها فى غالب الاستعمال. إذ وردت كلمة النفس في القرآن في مائتين وخمسة وتسعين موضعا بمعان منها:
ـ استعملت للدلالة على ذات الشيء وحقيقته وجعلته من الجسم الروح كما في قوله تعالى: (وإذا قتلتم نفساً فادّرأتُم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون) فالنفس هنا بمعنى الذات وكما في قوله تعالى: (واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً) والمقصود بالنفس هنا جملة الانسان من الروح والجسد.
ـ كما استعملت ويراد بها الروح التي بها الحياة، وإذا زايلت الجسم نزل به الموت وهي باقية ما بقى في الحيّ نفس. قال تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها).
ـ واستعملت وأريد بها القلب والضمير، يكون فيه السر الخفي، فقال سبحانه: تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) فإضافتها إلى البشر يفيد هذا المعنى المتقدم. أما إضافتها إلى الله سبحانه فهو من قبيل المناسبة، والمشاكلة.
ـ واستعملت وأريد بها معنى في الانسان يوجهه إلى أفعاله من الخير والشر كما في قوله سبحانه: (إن النفس لأمّارة بالسوء إلاّ ما رحم ربِّي).
ـ كما استعملت وأريد بها معنى في النفس به الإدراك والتمييز والإحساس بما يحيط بالانسان وهذا المعنى يفارق الانسان في النوم وحيث يغيب وعيه كما في قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تَمُت في منامها فيُمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى).
وقد ذكر القرآن للنفس ثلاث مراتب: الأمارة واللوامة والمطمئنة فقال سبحانه: (إن النفس لأمارة بالسوء)، وقال: (ولا أقسم بالنفس اللوامة)، وقال: (يا أيتها النفس المطمئنة).
ولا يقر القرآن الخلاف حول طبيعة النفس ويؤكد على معنى أنها مخلوقة لله تعالى مربوبة له سبحانه لها تعلق بالبدن لا يعلمه إلاّ الله.
كما عالج القرآن النفس والعقل والروح من خلال وظائفها في الحياة والإدراك فركز على الروح سراً للحياة، وعلى النفس موطناً للتأثر والانفعال والإرادات والتربية والتهذيب، وعلى العقل من جهة وظائفه المتمثلة في عمليات التفكر والتعقل والتذكر والتدبر، والفقه. وعبر عنه بمصطلح القلب كمعنى جامع وكمستقر للمعرفة العميقة والإدراك السليم النافع. وبالفؤاد مقابلاً للسمع والبصر أو للحواس بل ومع الحواس. وركز كذل على العقل مناطاً للتكليف وطريقاً من طرق المعرفة الانسانية بالإضافة إلى الوحي الذي هو طريق المعرفة النبوية كما في قوله سبحانه: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير). ولم يجزئ القرآن قوى النفس والروح والعقل تجزئة عضوية بل خاطبها في كينونة إنسانية شاملة مخلوقة لله سبحانه، مطالبة بعبادته وفي حفظه وعنايته وميسرة لما خلقت فيه. ولا يملك أن يقدم العلم أكثر من تخمينات فيما يتعلق بطبيعة هذه الأشياء وعلاقاتها. وإذا كانت النظرة المثالية للنفس والعقل قد قدمت تعريفاً لهما على أنهما جوهران مفارقان للجسم أو جوهر واحد كما عند المثالية وقدمت النظرة التجريبية أو الواقعية تعريفها لها بأنها مجموعة من الادراكات المختلفة المتعاقبة أو انعكاس للواقع الاجتماعي وقدمت مدرسة الفلاسفة المسلمين لهما تعريفاً يجمع بينهما، فإن هذه المدارس جميعاً خارجة على نظرة القرآن التي عالجت القضية من طرفيها، وبما يتلاءم مع طبيعة الانسان وغرضه في الحياة الذي أعده الله له. فبينت بصورة موجزة مخلوقية هذا الأشياء وركزت على ما يترتب على مفهوم الخالقية والمخلوقية، من توجيه للنفس والروح والعقل والقلب لتؤدي كلها الوظيفة العبادية.
3 ـ كما أن نظرية تقسيم النفس والعقل تقوم على الخلط بين علم وظائف الأعضاء وبين علم النفس، إذ تجعل الوظائف الحيوية مثل التغذية والنمو والتولد قوى مقابلة لقوة الإدراك. وحقيقة الأمر أن ما يقوم به الجسم من قوة في النواحي الحيوية مستند إلى حياة الانسان التي تكون بدوام وجود روحه التي هي سر الحياة. أما الادراك فمهمة يتميز بها الانسان والذي تعرفه عنه أقل بكثير من حقيقته. إذ كل محاولات علم النفس القديم إنما هي محاولات افتراضية لتسهيل تفسير وحل المشاكل العلمية كما أن محاولات علم النفس التجريبي الحديث ما تزال عاجزة عن تفسير هذه القضية بشكل قاطع ونهائي.
ولذا فإنّنا نكتفي بالمعرفة القرآنية عن هذه النفس وعن عمليات الادراك والفهم والروح والقلب والعقل.
كما أن القول بقوى مختلفة يصدر عن كل منها فعل خاص قد يؤدي بنا إلى انفصال الوظائف النفسية عن بعضها البعض في الكينونة الانسانية، ونحن نرى أن النفس تتمتع بوحدة وأن الظواهر النفسية ذات وحدة لا تتجزأ وتصدر عن الانسان أو عن الكينونة الانسانية غير المجزأة أفعال لا نستطيع أن نتحكم في فصلها عن بعضها، فنقول: تصدر من هنا أفعال عقلية محضة.
ومن هنا أفعال انفعالية محضة، ومن هناك أفعال حسية محضة. بل إن ما يصدر عن الانسان من إدراك عقلي وانفعال وإحساس تشعر به الكينونة الانسانية كلها وهو حصيلتها بجميع قواها وليس حصيلة جزء دون آخر. ولذا فإن الله سبحانه يخاطب هذه الكينونة بصورة موحدة تضيع فيها حدود التجزئة فيجعل الحواس والعقل والمعنى الداخلي في الكينونة جميعاً مسئولة مسئولية واحدة فيقول: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً). ويضيع الفرق بين المعنى الداخلي الذي يدرك بالقلب وبين المعنى العقلي الذي يدرك بالعقل فينسب إلى القلب ويجعل انطماس البصيرة أو القلب انطماساً للحواس، حتى مع كونها تؤدي دورها الحيواني فيقول في ذلك كله: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها، أو آذان يسمعون بها، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).
4 ـ وأما مسألة أزلية النفس والعقل وخلودهما فهذا ما لا يقره التصور القرآني لأن ماله أول فإن له آمراً. وليس هنالك في عالم المخلوقات إلاّ وله أول ولابد أن يفنى، إذ إن الله سبحانه هو وحده (الأول والآخر والظاهر والباطن) والنفس والروح والعقل تنتهي بانتهاء الانسان وبموته وإن كان للروح ثمة تعلق بالجسم في عالم البرزخ ـ من الموت إلى قيام الساعة ـ فلا ندري طبيعة هذا التعلق. والدليل على أن كل مخلوق يموت بما في ذلك النفس والعقل قوله سبحانه: (كل شيء هالك إلاّ وجهه) وقوله سبحانه: (كل مَن عليها فان. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وقوله: (الله يتوفى الأنفس حين موتها).
5 ـ إن اعتبار الفلاسفة عقول الأفلاك ملائكة أمر غريب على التصور القرآني دعاهم إليه حب التوفيق بين الدين والفلسفة ونحن لا ننكر أن يكون في السماء ملائكة وأن ثمة عالماً للأرواح الله أعلم به، ولكن اعتبار الملك نفسه، عقلاً للفلك وللفلك نفس فلا دليل عليه من علم أو نص شرعي، وما ورد في الشرع عن الملائكة ـ وهم من قبيل عالم الغيب ـ ما يشعر بجسميتهم وأنهم نورانيون وأنهم ليسوا على كل حال عقولاً مجردة.
فالقرآن يقول عنهم إنهم رسل الله وأنهم لينتقلون ويتشكلون، ويقومون بتنفيذ أوامر الله وإنهم يكتبون ويحفظون.
والآيات القرآنية الدالة على ذلك كثيرة منها:
قوله سبحانه: (ثم قُلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين). والسجود حركة جسمية وتخلف إبليس عن السجود وهو من الجن المخلوق من نار، والجن أجسام نارية يدل على أن سجود الملائكة سجود مخلوقات تتحرك، والله أعلم بسجودها وحركتها، ولكنها ليست على كل حال، عقولاً مجردة.
وقال سبحانه: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب).
(ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم).
(ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدباهم).
وقال سبحانه: (إن كل نفس لما عليها حافظ)، وقال: (وإن عليكم لحافظين.
( كراماً كاتبين. يعلمون ما تفعلون )، وقال: ( ينزل الملائكة بالروح من أمره على مَن يشاء من عباده ).
كل هذا يدل على أنهم ليسوا عقولاً.
وقد ذكر الله تعالى لهم أسماء تميزهم عن بعضهم فجبريل ملك الوحي، وذكر الله تعالى ملكاً آخر باسم ميكال واشتر اسم عزرائيل ملك الموت. قال تعالى: (مَن كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين).
ولهم وظائف كذلك يوم القيامة كما يقول سبحانه: (وما جعلنا أصحاب النار إلاّ ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا. ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافريون ماذا أراد الله بهذا مثلاً. كذلك يضل الله مَن يشاء ويهدي مَن يشاء. وما يعلم جنود ربك إلاّ هو ما هي إلاّ ذكرى للبشر). فمن جعلهم عشرة أو تسعة عشر أو زعم أن التسعة عشر الذين على سَقَرْهم العقول والنفوس فهذا من جهله بما جاء عن الله وعن رسوله (ص)، وضلالة في ذلك بيّن إذ لم تتفق الأسماء في صفة المسميات في كون كل منهما روحاً متعلقاً بالسماوات. ومن المعلوم أن الملائكة لهم من العلوم والأحوال والارادات والأعمال ما لا يحصيه إلاّ ذو الجلال. ووصفهم في القرآن بالتسبيح والعبادة لله أكثر من أن يذكر هنا. كما ذكر تعالى في خطابه للملائكة وأمره لهم بالسجود لآدم. وقوله تعالى: (فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون)، وقوله تعالى: (إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف الملائكة مسومين). وقوله سبحانه: (إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنّي معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان).
فزعمهم أن العقول والنفوس التي جعلوها الملائكة وزعموا بأنها معلومة عن الله صادر عن ذاته صدور المعلول عن علة هو قول بتولدها عن الله وأن الله ولد الملائكة وهذا مما رده الله ونزه نفسه عنه وكذب قائله وبين كذبه بقوله: (لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد) وقوله سبحانه: (إلاّ إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون).
6 ـ وقد اشتط الوضاعون للحديث وأصحاب الأغراض الفاسدة من أجل دعم الاتجاه العقلي الوثني في الفكر الاسلامي، بأن وضعوا أحاديث نسبوها للنبي (ص) مفادها أن العقل أول المخلوقات، ومن ثم يتم له شرح نظرية الفيض والصدور واعتبار العقل أول فائض عن الله عزوجل. وقد نوقشت هذه الأحاديث ودرست دراية ورواية من قبل الاتجاه المحافظ على التصور الاسلامي الأصيل بحيث لم يند حديث منها عن الدراسة والتمحيص والنقد.
من أشهر هذه الأحاديث حديث يتعلل به فلاسفة المسلمين، وتابعهم للأسف في نقله الإمام الغزالي في أكثر من موضع من كتبه وممن تعقب هذه الأحاديث ابن تيمية في كتاب بغية المرتاد أو السبعينية وفي مجموعة الرسائل والمسائل، وفي نفض المنطق وغيرها من كتبه. ونذكر هنا بعض هذه الأحاديث وما قيل في أحاديث العقل وأكثر اعتمادنا على كتب ابن تيمية.
سئل ابن تيمية: ما تقول السادة العلماء أئمة الدين في الحديث المروي الذي لفظه: «أول ما خلق الله العقل. فقال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر. فقال: وعزتي ما خلقت خلقاً أكرم علي منك. فبك آخذ وبك أعطى وبك الثواب والعقاب» وفي الحديث الآخر الذي لفظه: «كنت كنزاً لا أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق ليعرفوني فبي عرفوني». وفي الحديث الثالث الذي لفظه «كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان».
فأجاب رحمه الله:
«أما الحديث الأول فهو باللفظ المذكور قد رواه مَن صنف في فضل العقل كداود بن المحبر ونحوه، واتفق أهل المعرفة بالحديث على أنه ضعيف بل هو موضوع على رسول الله (ص).
كما أنه لم يثبت في العقل بلفظ «العقل» سوى حديث صحيح واحد روى في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله (ص) في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال: «يا معشر النساء تصدقن فإني أُريتكن أكثر أهل النار، فقلن: ولم يا رسول الله؟ فقال (ص): تُكثرن اللعنَ وتكفرن العشير. ما رأيت من ناقصان عقل ودين أذهب لِلُبّ الرجل الحازم من إحداكن. قلن: وما نقص عقلنا وديننا. فقال: أليس شهادة المرأة نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: هذا من نقصان عقلها. قال: وإذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى. قال فهذا من نقصان دينها».
وبعد: فإن نظرية العقول في الفلسفة الاسلامية بعيدة الصلة عن التصور القرآني كما أنها ثمرة تصور فلسفي مشوب بعناصر مختلطة من وثنية وعبادة للعقل وفيها مسحة من التصوف والتعبير بالمصطلحات الدينية ويراد بها معان فلسفية بغير وجه للجمع أكثر من الافتتان بالفكر الدخيل حتى وصل هذا الافتتان إلى اختلال في منهج البحث عندهم، ومن ثم إلى اختلال في التصور الاعتقادي وعلى الأخص في شرح عملية الخلق الذي سيتبعه اختلال في شرح عملية المعرفة. وصدق الله العظيم إذ يقول: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)، (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً).
** نظرية المعرفة بين القران والسنة – الدكتور راجح الكردي.
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |