الصفحة الرئيسة البريد الإلكتروني البحث
سيّد الاستثناء النضيرالهبوط الآمن في صحراء شريعتيعلي شريعتي/ العرفان الثوريهبوط في الصحراء مع محمد حسين بزيهوية الشعر الصّوفيالمقدس السيد محمد علي فضل الله وحديث الروحعبد المجيد زراقط في بحور السرد العربيقراءة في كتاب التغيير والإصلاحبرحيل الحاجة سامية شعيب«إحكي يا شهرزاد» اهتمام بشؤون المرأة المعاصرةالنموذج وأثره في صناعة الوعيتبادل الدلالة بين حياة الشاعر وحياة شخوصهالشيعة والدولة ( الجزء الثاني )الشيعة والدولة ( الجزء الأول )الإمام الخميني من الثورة إلى الدولةالعمل الرسالي وتحديات الراهنتوقيع كتاب أغاني القلب في علي النَّهريحفل توقيع كتاب أغاني القلبإصدار جديد للدكتور علي شريعتيصدور كتاب قراءات نقدية في رواية شمسحريق في مخازن دار الأميردار الأمير تنعى السيد خسرو شاهيإعلان هامصدر حديثاً ديوان وطن وغربةعبد النبي بزي يصدر ديوانه أصحاب الكساءتوزيع كتاب هبوط في الصحراء في لبنانإطلاق كتاب هبوط في الصحراءصدور هبوط في الصحراءمتحدِّثاً عن هوية الشعر الصوفينعي العلامة السيّد محمد علي فضل اللهندوة أدبية مميزة وحفل توقيعاحكي يا شهرزاد في العباسيةفي السرد العربي .. شعريّة وقضايامعرض مسقط للكتاب 2019دار الأمير تنعى د. بوران شريعت رضويالعرس الثاني لـ شهرزاد في النبطيةصدر حديثاً كتاب " حصاد لم يكتمل "جديد الشاعر عادل الصويريدرية فرحات تُصدر مجموعتها القصصيةتالا - قصةسِنْدِبادِيَّات الأرز والنّخِيلندوة حاشدة حول رواية شمسندوة وحفل توقيع رواية " شمس "خنجر حمية وقّع الماضي والحاضرمحمد حسين بزي وقع روايته " شمس "توقيع رواية شمستوقيع المجموعة الشعرية قدس اليمندار الأمير في معرض بيروتتوقيع كتاب قراءة نفسية في واقعة الطفدار الأمير في معرض الكويتمشاكل الأسرة بين الشرع والعرفالماضي والحاضرالفلسفة الاجتماعية وأصل السّياسةتاريخ ومعرفة الأديان الجزء الثانيالشاعرة جميلة حمود تصدر دمع الزنابقبيان صادر حول تزوير كتب شريعتي" بين الشاه والفقيه "محمد حسين بزي أصدر روايته " شمس "باسلة زعيتر وقعت " أحلام موجوعة "صدر حديثاً / قراءة نفسية في واقعة الطفصدر حديثاً / ديوان جبر مانولياصدر حديثاً / فأشارت إليهصدر حديثاً / رقص على مقامات المطرتكريم وحفل توقيع حاشد للسفير علي عجميحفل توقيع أحلام موجوعةتوقيع ديوان حقول الجسدباسلة زعيتر تُصدر باكورة أعمالهاالسفير علي عجمي يُصدر حقول الجسدصدر حديثاً عن دار الأمير كتاب عين الانتصارجديد دار الأمير : مختصر كتاب الحج للدكتور علي شريعتيصدر حديثاً كتاب دم ابيضاصدارات مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي
الصفحة الرئيسة اّخر الإصدارات أكثر الكتب قراءة أخبار ومعارض تواصل معنا أرسل لصديق

جديد الموقع

سيّد الاستثناء النضيرالهبوط الآمن في صحراء شريعتيعلي شريعتي/ العرفان الثوريهبوط في الصحراء مع محمد حسين بزيهوية الشعر الصّوفيالمقدس السيد محمد علي فضل الله وحديث الروحعبد المجيد زراقط في بحور السرد العربيقراءة في كتاب التغيير والإصلاحبرحيل الحاجة سامية شعيب«إحكي يا شهرزاد» اهتمام بشؤون المرأة المعاصرةالنموذج وأثره في صناعة الوعيتبادل الدلالة بين حياة الشاعر وحياة شخوصهالشيعة والدولة ( الجزء الثاني )الشيعة والدولة ( الجزء الأول )الإمام الخميني من الثورة إلى الدولةالعمل الرسالي وتحديات الراهنتوقيع كتاب أغاني القلب في علي النَّهريحفل توقيع كتاب أغاني القلبإصدار جديد للدكتور علي شريعتيصدور كتاب قراءات نقدية في رواية شمسحريق في مخازن دار الأميردار الأمير تنعى السيد خسرو شاهيإعلان هامصدر حديثاً ديوان وطن وغربةعبد النبي بزي يصدر ديوانه أصحاب الكساءتوزيع كتاب هبوط في الصحراء في لبنانإطلاق كتاب هبوط في الصحراءصدور هبوط في الصحراءمتحدِّثاً عن هوية الشعر الصوفينعي العلامة السيّد محمد علي فضل اللهندوة أدبية مميزة وحفل توقيعاحكي يا شهرزاد في العباسيةفي السرد العربي .. شعريّة وقضايامعرض مسقط للكتاب 2019دار الأمير تنعى د. بوران شريعت رضويالعرس الثاني لـ شهرزاد في النبطيةصدر حديثاً كتاب " حصاد لم يكتمل "جديد الشاعر عادل الصويريدرية فرحات تُصدر مجموعتها القصصيةتالا - قصةسِنْدِبادِيَّات الأرز والنّخِيلندوة حاشدة حول رواية شمسندوة وحفل توقيع رواية " شمس "خنجر حمية وقّع الماضي والحاضرمحمد حسين بزي وقع روايته " شمس "توقيع رواية شمستوقيع المجموعة الشعرية قدس اليمندار الأمير في معرض بيروتتوقيع كتاب قراءة نفسية في واقعة الطفدار الأمير في معرض الكويتمشاكل الأسرة بين الشرع والعرفالماضي والحاضرالفلسفة الاجتماعية وأصل السّياسةتاريخ ومعرفة الأديان الجزء الثانيالشاعرة جميلة حمود تصدر دمع الزنابقبيان صادر حول تزوير كتب شريعتي" بين الشاه والفقيه "محمد حسين بزي أصدر روايته " شمس "باسلة زعيتر وقعت " أحلام موجوعة "صدر حديثاً / قراءة نفسية في واقعة الطفصدر حديثاً / ديوان جبر مانولياصدر حديثاً / فأشارت إليهصدر حديثاً / رقص على مقامات المطرتكريم وحفل توقيع حاشد للسفير علي عجميحفل توقيع أحلام موجوعةتوقيع ديوان حقول الجسدباسلة زعيتر تُصدر باكورة أعمالهاالسفير علي عجمي يُصدر حقول الجسدصدر حديثاً عن دار الأمير كتاب عين الانتصارجديد دار الأمير : مختصر كتاب الحج للدكتور علي شريعتيصدر حديثاً كتاب دم ابيضاصدارات مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي

أقسام الكتب

مصاحف شريفة
سلسلة آثار علي شريعتي
فكر معاصر
فلسفة وتصوف وعرفان
تاريخ
سياسة
أديان وعقائد
أدب وشعر
ثقافة المقاومة
ثقافة عامة
كتب توزعها الدار

الصفحات المستقلة

نبذة عن الدار
عنوان الدار
About Dar Al Amir
Contact Us
شهادات تقدير
مجلة شريعتي
مواقع صديقة
هيئة بنت جبيل
اصدارات مركز الحضارة

تصنيفات المقالات

شعراء وقصائد
قضايا الشعر والأدب
ريشة روح
أقلام مُقَاوِمَة
التنوير وأعلامه
قضايا معرفية
قضايا فلسفية
قضايا معاصرة
الحكمة العملية
في فكر علي شريعتي
في فكر عبد الوهاب المسيري
حرب تموز 2006
حرب تموز بأقلام اسرائيلية
English articles

الزوار

13259128

الكتب

300

القائمة البريدية

 

قراءة في هابرماس الحداثة مشروع غير مُنجز

((قضايا معاصرة))

تصغير الخط تكبير الخط

قراءة في هابرماس
الحداثة مشروع غير مُنجز

بقلم: محمد حسين بَزِّي

mohammadbazzi_400الحداثة ليست حقبة انقضت، بل هي مشروع ما زال قيد الإنجاز..! (هابرماس) (1)
هكذا يرى هابرماس الحداثة، ويعلل ذلك بمفهوم خاص؛ استطاع من خلاله أن يواصل عصر التنويرـ خاصة مدرسة فرانكفورت ـ بما حوت من تقاليد نقدية، تقوم على ترسيخ مفاهيم الحرية والعدالة والعقل في الذاكرة الجمعية، وربطها بقوة دولية تساعد على تفتح النواة؛ التي لم تولد بعد، لديمقراطية الخير العام؛ المرتكزة على سلطة الكلمة.
الظروف التي عاشها هابرماس ‘’خاصة الحقبة النازية’’ كونت لديه نمطا معينا بالتفكير، يختلف فيها عن غيره من فلاسفة الغرب، وحتى عن ‘’آبائه’’ فلاسفة مدرسة فرانكفورت الكبار أحياناً، وأهم ما ميزه؛ هو خطابه الفلسفي القائم على النقد الخالي من الهيمنة، حتى صار ينظر إليه أخيراً كـ: فيلسوف سلام.

استعملت كلمة "حديث" لأول مرة أواخر القرن الخامس الميلادي لفصل الحاضر المسيحي الرسمي، عن الماضي الروماني الوثني. رغم تبدل المضامين، تعبر ‘’الجِدّة’’ -بتعبير هابرماس- تعبر دوماً عن الوعي الخاص بحقبة، تضع نفسها في علاقة مع ماضي العصور القديمة، لتدرك ذاتها كنتيجة عبور من القديم إلى الحديث.
بناءً عليه؛ فإن كل حقبة لأهلها أن يعتبروا أنفسهم "حديثيين". وبالنتيجة أعتُبر حداثياً ما يساعد حاليَة روح العصر، التي تجدد نفسها بنفسها لبلوغ تعبير موضوعي. فشهادة الحداثية تُستمد من انقلاب الفاعلية الحاضرة إلى فاعلية مضت، وهنا تكمن العلاقة السرية بين الحداثي والكلاسيكي، وهذا الانقلاب هو الحداثة عينها.

فكر الحداثة الجمالية
الحداثة الجمالية مع "بودلير" تتمركز حول وعي متغير للزمن، وهي أن تحتل مسقبلاً لم يشغل بعد، إذ عليها أن تجد الاتجاه الصحيح في أرض؛ لم يسبق أن استطلعت.
ثمة وعي جديد للزمن قد دخل الفلسفة مع "بركسون"؛ وهو: أن الحداثة حركة تنفي ذاتها، "توقٌ إلى الحضور الحق". يوضح هذا أيضا المعارضة المجرّدة للتاريخ الذي يفقد بذلك بنية نقل مفصل للأحداث، ويضمن الاستمرارية.
فالوعي الجمالي؛ يحيا بواسطة خبرة الثورة ضد كل ما هو معياري، و’’الاهتزازات الكبرى هي ختم الصحة للحداثة، والانفجار أحد ثوابتها’’. -كما يرى "أدورنو"-.
وإن وعي الزمان ليس بالطبع معادياً للتاريخ، بل يقاوم المعيارية الخاطئة المنبعثة من فهم التاريخ، كفعل التاريخية، حين تحبس التاريخ بالمتحف. فالتاريخ زمن الآن -كما يؤسس ‘’بنيامين’’-.
أما الآن وقد أصبح فكر الحداثة الجمالي فكراً عتيقاً، كما يجب أن نعترف؛ فلا بدّ من طرح السؤال التالي: ما معنى هذا الفشل؟.. وهل هو إشارة إلى توديع الحداثة؟ وهل يعني ما بعد الطليعة العبور إلى ما بعد الحداثة؟
القطيعة بين الثقافة والمجتمع، وتحلل الأخلاق البروتستانتية.. لهذا بالتحديد يرجعه ‘’دانيال بل’’ المُنظّر الاجتماعي الأميركي المعروف، كما أرنولد غيلن في ألمانيا.
فالحل الوحيد يراه ‘’بل’’ يكمن، في التجديد الديني.

الحداثة الثقافية والتحديث الاجتماعي
الجدل السياسي والفكري مع المثقفين حاملي الحداثة الثقافية، إنما ينتج من توجيه مسلكي وحيد على قاعدة عدم إمكانية خلق قوى إيمانية تفرض السلطة من العدم.
يشير بيتر شتاينفلز إلى أن الجدل يتخذ طابعاً؛ يعتبر بموجبه أن كل شيء يعبر عن عقلية معارضة يمكن ربط عواقبه بهذا النوع أو ذاك من التطرف. وهكذا يُربط بين الجِدّة والعدمية، وبين برامج الرعاية والنهب، وبين تدخلات الدولة والتوتاليتارية.. الخ، وكأننا أمام فوضى تبريرات..!.
وهكذا فإن شتيمة المثقفين التي يثيرها في بلادنا المثقفون المعادون للتنوير، والتوجه بها إلى أشخاص محددين، لا يمكن ردهما إلا بالدرجة الأولى إلى عوامل نفسية، بل بالأحرى إلى الضعف التحليلي الذي يعتري التعاليم المحافظة الجديدة نفسها.
تنسب المحافظية الجديدة إلى الحداثة الثقافية الأعباء المزعجة الناتجة عن تحديث ناجح، على الأكثر أو الأقل، للاقتصاد والمجتمع. لأنه لا يمكنها أن تدخل في هذه العمليات إلا بطريقة غير مباشرة، لأنها ‘’المحافظية الجديدة’’ تخفي العلائق القائمة بين عمليات التحديث الاجتماعي ودوافع الأزمة المشتكى منها. يلاحظ -بل- ‘’أن البرجوازية صارت محافظة فيما يختص بمسائل الأخلاق والذوق ، فيما بقيت متطرفة فيما يتعلق بالاقتصاد’’، ولكن هذا تبسيط مبالغ فيه.
التعاليم المحافظة تصرف الانتباه عن العمليات الاجتماعية، وتسقط الأسباب التي تكشف عنها، على ثقافة هدامة خاصة، وعلى من يدافع عنها. ولكن هذا لا يمنع من بروز دوافع للشك أو اليأس من مشروع الحداثة.

مشروع التنوير
تتلازم فكرة الحداثة وتطور الفن الأوروبي. ولكن العصر الحديث شهد تمييزاً لحقول القيم: العلم والأخلاق والفن، وانشطرت الإشكالات المتوارثة بحسب وجهات نظر الحقبقة! وأصبح التعامل مع الإرث الثقافي بغير آلاته، وطبقاً لمصالح -النخبة المهيمنة-. وهنا بدأ الشرخ ينمو؛ بين ثقافة المتخصصين والجمهور العريض، فما ينمو بالثقافة لا يصل إلى الممارسة اليومية إلا بعوامل أخرى.
لا يستمر اليوم وجود مشروع الحداثة، الذي صاغه فلاسفة عصر التنوير في القرن الثامن عشر، إلا في تطوير العلوم الموضِّعة، وقواعد الأخلاق والحق العالمية والفن المستقل، كلٌ في مضماره. ولكن المشروع يشمل في الوقت نفسه إطلاق الطاقات المعرفية من أشكالها الباطنية المتطورة واستعمالها للتطبيق.

كانط وإصرارُ الجماليّ
تطور الفن الحديث كخطٍ استقلالي تصاعدي، وهو ما تسري عليه مقولات الجميل في عصر النهضة أولاً. وتمأسس الأدب والنحت والموسيقى أثناء القرن الثامن عشر، كحقول عمل باتت مفصولة اليوم عن الحياة الدينية وحياة البلاط. أخيراً؛ نشأ في أواسط القرن التاسع عشر فهم جمالي للفن: الفن لأجل الفن.
عمل كانط بحماس على إبراز فرادة هذا الحقل الجمالي، فيصف ‘’كانط’’ حالة المزاج التي تثيرها لعبة قوى المَخيلة المحَرَّكة جمالياً بأنها إعجابٌ من دون اهتمام. وهكذا فإن نوعية أثر ما، تتحدد بصرف النظر عن علائقه العملية بالحياة. ويحدد ‘’كانط’’ العبقرية أنها ‘’الإبتكارية النموذجية لموهبة ذات طبيعية في الاستعمال الحر للقدرة المعرفية’’. استطاع هذا المعنى الخاص للجمالي، أن يبرز أولاً مع إيماء الحداثية كوعي للحداثة، وذلك بعد أن تم استفاء شرطين:
أ/ مأسسة إنتاج فني متعلق بالسوق، ومأسسة ذوق فني حر يعبَّر عنه بالنقد.
ب/ الفهم الذاتي الجمالي لدى الفنانين والناقدين الذين لم يعودوا محامين عن الجمهور، بل مفسرين.
وهكذا أمكن قيام حركة في الرسم والأدب، يراها البعض في أعمال بودلير النقدية، وهكذا استطاع أدرنو أن يبدأ ‘’نظريته الجمالية’’ بالجملة التالية: ‘’لقد صار من البديهي أنه لم يعد ثمة أيُّ شيء بديهي يتعلق بالفن، حتى ولا حقه بالوجود، وذلك لا في الفن، ولا في علاقته بالكل’’.

الإبطال الخاطئ للثقافة
لم تكن السريالية قد شكَّكت في حق الفن بالوجود، لو لم يأتِ الفن الحديث بوعد السعادة، الذي تمنحه الرؤية الجمالية دون أن تحققه. ويزداد وعي استحالة مصالحة الوعي الاجتماعي تألماَ كلما ابتعد الفن عن الحياة، على دروب شعور كهذه؛ تتجمع طاقات متفجرة، تفرغ ذاتها أخيراً في الانتفاضة، التي ترمي إلى تفجير الفن، وإلى اغتصاب المصالحة بهذه التضحية.
كل المحاولات لتسوية المنحدر القائم بين الفن والحياة، بين الوهم والحقيقة. الخ، تفهم اليوم باعتبارها تجارب لا معنى لها، تضيء؛ رغماً عنها بقدر أكبر من السطوع بنور الفن التي كان يجب أن تجرحها: ألا وهي مجال المظهر. وهذا ما يدعو للسخرية، إذ أن المقولات التي استعملها علم الفن الجمالي؛ كانت التطويق المباشر لحقل موضوعه.
ففي ممارسة الحياة اليومية التواصلية يجب أن تتداخل تفسيرات معرفية، وتوقعات أخلاقية، لهذا لا يمكن أن ننقذ الحياة اليومية المعقلنة من جمود الافتقار الثقافي بفتح حقل معرفي واحد، أي الفن، عنوة، فنحن لا نحقق بذلك إلا استبدال تحيّز واحد بآخر، وتجرّد واحد بآخر.

بدائل للإبطال الخاطئ للثقافة
ربما أتاح لنا الفن مخرجاً، بحيث نتعلم من المتاهات التي رافقت مشروع الحداثة؛ بدلاَ من أن نعلن خسارة الحداثة ومشروعها، فقد لفت نظري البرشت فلمر إلى الطريقة التي تتبدل فيها بالدرجة الأولى قيمة الخبرة الجمالية التي لا تُترجم إلى أحكام ذوقية. فحالما تُستخدم الخبرة الجمالية لاستكشاف حالة من حالات تاريخ الحياة، وتعاد إلى مشاكل حياتية، تدخل في لعبة لغوية ليست هي لعبة النقد الجمالي، حينئذ لا تجدِّد الخبرة الجمالية تفسيرات الحاجات التي نلاحظ في ضوئها العلم فقط، بل؛ تتدخل في الوقت نفسه في التفاسير المعرفية والتوقعات المعيارية، وتغيِّر الطريقة التي يشير بها كلٌ من هذه اللحظات، بعضها إلى بعض.
إن واجبنا أن نملأ كل ما نجده أمامنا بتقييمنا الخاص وأن المفهوم الشامل لا يمكنه أن يكون نافعاً، إذا لم يعبر عن شيء من ظروف حياتنا، والصعوبات والخصائص المرتبطة بعملية تفكيرنا.
إن الإعادة المميِّزة لجمعِ الثقافة الحديثة، والممارسة اليومية المعتمدة على تقاليد حيوية، لا يمكن أن تنجح إلاّ إذا تم توجيه التحديث الاجتماعي إلى دروب أخرى غير رأسمالية.

ثلاثة مذاهب محافظة
أ/ المحافظون الأحداث: يستولي المحافظون الأحداث على خبرة الحداثة الجمالية الأساسية، وبعد هذا الاستيلاء؛ يغادرون وإياها العالم الحديث. وبمساعدة موقف حداثي يعلِّلون عداوة مرَّة للحداثة، ويناقضون العقل الأداتي بطريقة مانَويّة بواسطة مبدأ، لم يعد منفتحاً إلا على إيقاظ المشاعر والتصورات لدى مشاهدة العمل الفني.
ب/ المحافظون القدامى: لا يدع المحافظون القدامى عدوى الحداثة الثقافية تسري إليهم، فيلاحقون تداعي العقل الأساسي، والفصل بين الأخلاق والفن. وينصحون بالعودة إلى مواقف ما قبل الحداثة.
ج/ المحافظون الجدد: هم يرحبون بتطور العلم الحديث، طالما أنه لا يتخطى مجاله الخاص؛ إلا لدفع التقدم التقني والنمو الرأسمالي. فيما عدا ذلك، فهم ينصحون بسياسة تُبطل المضامين المفجِّرة للحداثة الثقافية.
وإذا حصرنا العلم والأخلاق والفن في مجالات مستقلة منفصلة عن عالم الحياة، ومدَبَّرة بشكل متخصص، لا يبقى من الحداثة الثقافية إلا ما تحتويه بعد الاستغناء عن مشروع الحداثة.
هكذا يرى هابرماس الحداثة كمشروع غير منجز ؛ ويقول : ...، وكما يبدو ، تترسخ أفكار عدائية للحداثية، تضاف إليها رشةٌ من ما قبل الحداثية، ضمن مجموعات الخضر «أنصار البيئة» (2) والمجموعات اليسارية المتطرفة.

***
في مثل هذا المجتمع أصبح؛ ولأول مرة، التحرّر من سلطة الطبيعة؛ هو في ذات الوقت تحرراً من السلطة الأخلاقية. إنَّ هذا التطور شكل نوعاً جديداً من السلطة أطلق عليها هابرماس «السلطة التقنية» التي هي وسيلة من وسائل الكبت والإحباط، وهذا نوع من السلطة التي يرافقها آيديولوجية تكنوقراطية تكوّن الأساس الذي يقوم عليه ترشيد السلوك، حيث ينمو نشاط الدولة التدخلي الذي يؤمِّن استقرار النظام. وفي المقابل؛ هناك تبعية البحث العلمي - التقني، التي جعلت من العلم قوة إنتاج من الدرجة الأولى، وأصبح للعلم الحديث وظيفة خاصة هي إنتاج معرفة في شكل علم تقني قابل للاستغلال.

هوامش:

(1)  فيلسوف وعالم اجتماع ألماني ولد في مدينة دوسلدورف في العام .1929 درس الفلسفة والتاريخ وعلم النفس والأدب الألماني والاقتصاد بجامعات غوتنغن وزوريخ وبون على التوالي. حصل العام 1954 على الدكتوراه في الفلسفة برسالة عنوانها: «المطلق في التاريخ. دراسة لفلسفة عمر العالم لدى شلنغ» Schelling. حمل جوائز عديدة، وقد منحته عدة جامعات في العالم درجة الدكتوراه الفخرية تقديراً لعمله. نشر عدداً وفيراً من المقالات والكتب في الفلسفة وعلم الاجتماع ترجم العديد منها إلى مختلف اللغات. أهم كتبه: ‘’النظرية والممارسة Theorie und Praxis’’.، أصبح العام 1972 مديرا لمعهد ماكس بلانك. وجعلت منه سيرة حياته العلمية نموذجاً للمفكر الألماني الرصين ومرجعاً أساسياً في الفلسفة وعلم الاجتماع والابستومولوجيا، كما يعتبر اليوم الممثل الوحيد لمدرسة فرانكفورت النقدية. للمزيد حول نظريته في الحداثة، راجع: الحداثة وخطابها السياسي، يورغان هابرماس، تعريب: جورج تامر، ط,1 دار النهار ، بيروت.

(1)  ارتكز هابرماس في هذا النص على المحاضرة التي كان ألقاها في 11/9/1980 في كنيسة القديس بولس الأثرية، بمناسبة منح مدينة فرانكفورت إياه جائزة أدورنو .

(2)  اشارة: وجدت رأياً آخر لهبرماس؛ إذ يقول: (إن الخضر يمثلون النواة المنظمة لما يمكن أن نسميه بـ (الحركات الاجتماعية الجديدة)، التي تجلب إليها فئات من الطبقات المتوسطة التي تشعر بأنها مهددة نتيجة المشاريع التكنولوجية الضخمة. وأيضاً شباناً أتاح لهم التكوين الذي تلقوه في المدارس والجامعات، وهو عادة ما يكون تكويناً عالياً، امتلاك حساسية مفرطة أحياناً تجاه عبثية التطور الصناعي، ونساء يرغبن في مزيد من الحريات، وعاطلين عن العمل يعيشون متاعب الحياة اليومية في عالم لا يرحم. ويواصل هابرماس الحديث عن الخضر قائلاً: (إن أهداف هذه الحركة السياسية الجديدة سلمية، تتمحور بالخصوص حول ضرورة الدفاع عن الطبيعة ضد مخاطر التصنيع المجنون، وعند العديد من المنتسبين إليها، هناك حنين لأشكال حياة بديلة أكثر أخلاقية من حياة آبائهم).م. شبكة النبأ المعلوماتية.


• المصدر صحيفة الوقت البحرينية ( صفحة اليوم الثامن ) عدد رقم 1396 الصادر يوم الخميس الواقع فيه 17/12/2009 م.
http://www.alwaqt.com/art.php?aid=190973

 الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم.

19-02-2010 الساعة 06:12 عدد القراءات 4019    

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

تعليقات القراء 1 تعليق / تعليقات

علي بيضون: آملا دوام التواصل والإفادة

19-02-2010 | 07-00د

بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت المقال .. آملا دوام التواصل والإفادة ولفت النظر لكل جديد
والسلام
علي بيضون

جميع الحقوق محفوظة لدار الأمير © 2022