الصفحة الرئيسة البريد الإلكتروني البحث
سيّد الاستثناء النضيرالهبوط الآمن في صحراء شريعتيعلي شريعتي/ العرفان الثوريهبوط في الصحراء مع محمد حسين بزيهوية الشعر الصّوفيالمقدس السيد محمد علي فضل الله وحديث الروحعبد المجيد زراقط في بحور السرد العربيقراءة في كتاب التغيير والإصلاحبرحيل الحاجة سامية شعيب«إحكي يا شهرزاد» اهتمام بشؤون المرأة المعاصرةالنموذج وأثره في صناعة الوعيتبادل الدلالة بين حياة الشاعر وحياة شخوصهالشيعة والدولة ( الجزء الثاني )الشيعة والدولة ( الجزء الأول )الإمام الخميني من الثورة إلى الدولةالعمل الرسالي وتحديات الراهنتوقيع كتاب أغاني القلب في علي النَّهريحفل توقيع كتاب أغاني القلبإصدار جديد للدكتور علي شريعتيصدور كتاب قراءات نقدية في رواية شمسحريق في مخازن دار الأميردار الأمير تنعى السيد خسرو شاهيإعلان هامصدر حديثاً ديوان وطن وغربةعبد النبي بزي يصدر ديوانه أصحاب الكساءتوزيع كتاب هبوط في الصحراء في لبنانإطلاق كتاب هبوط في الصحراءصدور هبوط في الصحراءمتحدِّثاً عن هوية الشعر الصوفينعي العلامة السيّد محمد علي فضل اللهندوة أدبية مميزة وحفل توقيعاحكي يا شهرزاد في العباسيةفي السرد العربي .. شعريّة وقضايامعرض مسقط للكتاب 2019دار الأمير تنعى د. بوران شريعت رضويالعرس الثاني لـ شهرزاد في النبطيةصدر حديثاً كتاب " حصاد لم يكتمل "جديد الشاعر عادل الصويريدرية فرحات تُصدر مجموعتها القصصيةتالا - قصةسِنْدِبادِيَّات الأرز والنّخِيلندوة حاشدة حول رواية شمسندوة وحفل توقيع رواية " شمس "خنجر حمية وقّع الماضي والحاضرمحمد حسين بزي وقع روايته " شمس "توقيع رواية شمستوقيع المجموعة الشعرية قدس اليمندار الأمير في معرض بيروتتوقيع كتاب قراءة نفسية في واقعة الطفدار الأمير في معرض الكويتمشاكل الأسرة بين الشرع والعرفالماضي والحاضرالفلسفة الاجتماعية وأصل السّياسةتاريخ ومعرفة الأديان الجزء الثانيالشاعرة جميلة حمود تصدر دمع الزنابقبيان صادر حول تزوير كتب شريعتي" بين الشاه والفقيه "محمد حسين بزي أصدر روايته " شمس "باسلة زعيتر وقعت " أحلام موجوعة "صدر حديثاً / قراءة نفسية في واقعة الطفصدر حديثاً / ديوان جبر مانولياصدر حديثاً / فأشارت إليهصدر حديثاً / رقص على مقامات المطرتكريم وحفل توقيع حاشد للسفير علي عجميحفل توقيع أحلام موجوعةتوقيع ديوان حقول الجسدباسلة زعيتر تُصدر باكورة أعمالهاالسفير علي عجمي يُصدر حقول الجسدصدر حديثاً عن دار الأمير كتاب عين الانتصارجديد دار الأمير : مختصر كتاب الحج للدكتور علي شريعتيصدر حديثاً كتاب دم ابيضاصدارات مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي
الصفحة الرئيسة اّخر الإصدارات أكثر الكتب قراءة أخبار ومعارض تواصل معنا أرسل لصديق

جديد الموقع

سيّد الاستثناء النضيرالهبوط الآمن في صحراء شريعتيعلي شريعتي/ العرفان الثوريهبوط في الصحراء مع محمد حسين بزيهوية الشعر الصّوفيالمقدس السيد محمد علي فضل الله وحديث الروحعبد المجيد زراقط في بحور السرد العربيقراءة في كتاب التغيير والإصلاحبرحيل الحاجة سامية شعيب«إحكي يا شهرزاد» اهتمام بشؤون المرأة المعاصرةالنموذج وأثره في صناعة الوعيتبادل الدلالة بين حياة الشاعر وحياة شخوصهالشيعة والدولة ( الجزء الثاني )الشيعة والدولة ( الجزء الأول )الإمام الخميني من الثورة إلى الدولةالعمل الرسالي وتحديات الراهنتوقيع كتاب أغاني القلب في علي النَّهريحفل توقيع كتاب أغاني القلبإصدار جديد للدكتور علي شريعتيصدور كتاب قراءات نقدية في رواية شمسحريق في مخازن دار الأميردار الأمير تنعى السيد خسرو شاهيإعلان هامصدر حديثاً ديوان وطن وغربةعبد النبي بزي يصدر ديوانه أصحاب الكساءتوزيع كتاب هبوط في الصحراء في لبنانإطلاق كتاب هبوط في الصحراءصدور هبوط في الصحراءمتحدِّثاً عن هوية الشعر الصوفينعي العلامة السيّد محمد علي فضل اللهندوة أدبية مميزة وحفل توقيعاحكي يا شهرزاد في العباسيةفي السرد العربي .. شعريّة وقضايامعرض مسقط للكتاب 2019دار الأمير تنعى د. بوران شريعت رضويالعرس الثاني لـ شهرزاد في النبطيةصدر حديثاً كتاب " حصاد لم يكتمل "جديد الشاعر عادل الصويريدرية فرحات تُصدر مجموعتها القصصيةتالا - قصةسِنْدِبادِيَّات الأرز والنّخِيلندوة حاشدة حول رواية شمسندوة وحفل توقيع رواية " شمس "خنجر حمية وقّع الماضي والحاضرمحمد حسين بزي وقع روايته " شمس "توقيع رواية شمستوقيع المجموعة الشعرية قدس اليمندار الأمير في معرض بيروتتوقيع كتاب قراءة نفسية في واقعة الطفدار الأمير في معرض الكويتمشاكل الأسرة بين الشرع والعرفالماضي والحاضرالفلسفة الاجتماعية وأصل السّياسةتاريخ ومعرفة الأديان الجزء الثانيالشاعرة جميلة حمود تصدر دمع الزنابقبيان صادر حول تزوير كتب شريعتي" بين الشاه والفقيه "محمد حسين بزي أصدر روايته " شمس "باسلة زعيتر وقعت " أحلام موجوعة "صدر حديثاً / قراءة نفسية في واقعة الطفصدر حديثاً / ديوان جبر مانولياصدر حديثاً / فأشارت إليهصدر حديثاً / رقص على مقامات المطرتكريم وحفل توقيع حاشد للسفير علي عجميحفل توقيع أحلام موجوعةتوقيع ديوان حقول الجسدباسلة زعيتر تُصدر باكورة أعمالهاالسفير علي عجمي يُصدر حقول الجسدصدر حديثاً عن دار الأمير كتاب عين الانتصارجديد دار الأمير : مختصر كتاب الحج للدكتور علي شريعتيصدر حديثاً كتاب دم ابيضاصدارات مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي

أقسام الكتب

مصاحف شريفة
سلسلة آثار علي شريعتي
فكر معاصر
فلسفة وتصوف وعرفان
تاريخ
سياسة
أديان وعقائد
أدب وشعر
ثقافة المقاومة
ثقافة عامة
كتب توزعها الدار

الصفحات المستقلة

نبذة عن الدار
عنوان الدار
About Dar Al Amir
Contact Us
شهادات تقدير
مجلة شريعتي
مواقع صديقة
هيئة بنت جبيل
اصدارات مركز الحضارة

تصنيفات المقالات

تصنيف جديد
شعراء وقصائد
قضايا الشعر والأدب
ريشة روح
أقلام مُقَاوِمَة
التنوير وأعلامه
قضايا معرفية
قضايا فلسفية
قضايا معاصرة
الحكمة العملية
في فكر علي شريعتي
في فكر عبد الوهاب المسيري
حرب تموز 2006
حرب تموز بأقلام اسرائيلية
English articles

الزوار

13920699

الكتب

300

القائمة البريدية

 

«اختبــارات المقــدس» لخنجــر حميــة

((قضايا فلسفية))

تصغير الخط تكبير الخط

«اختبــارات المقــدس» ([) لخنجــر حميــة

المســار الفلســفي

بقلم: نواف الموسوي

ما هي المسارات التي يمكن للجهد الفلسفي، عندنا، أن يسلكها أو يجب أن يسلكها؟ أعتقد أنّها الآتي: ekhtebaratpic_90

أولاً: مواصلة المسار الفلسفي/ العرفاني/الكلامي، الذي لا زال مستمراً في بعض الحلقات الدراسية في الحوزات العلمية في إيران، أو مكنوناً في ثنايا مخطوطات لم تجد طريقاً إلى النشر بالمواصفات العلمية. وما نشر منها أحياناً يحتاج إلى إعادة تحقيق وتدقيق، لأنّ النّصّ المنشور يذهب في عكس المعنى المراد. مثلاً في كتاب شرح حكمة الإشراق للشهرزوري يقول الشارح في مقصد السهروردي بالنور والظلمة إنّ الأمر يدور على الوجوب والإمكان لا أنّ المبدأ اثنان، فيأتي النصّ «المحقّق» لأنّ المبدأ اثنان، وهو على النقيض ممّا يبتغيه المؤلّف.

والجهد في هذا المسار إذ يرمي إلى إنهاء القطيعة مع التراث الفلسفي فهو يتّجه إلى:

نشر المخطوطات بعد تحقيقها.
إعداد الدراسات ومراكمتها حول المخطوطات لناحية تبيّن مقولاتها.
الانتهال من السلسلة التي لم تنقطع لأساتذة الفلسفة والعرفان، والذين يقدّمون في تدريسهم أفكاراً جديدة تتبدّى على هيئة تعليقات أو مقدّمات. تلقّي العلوم العقلية على هؤلاء الأساتذة هو أكثر من ضروري لفهم هذا التراث واستمراريته والتجدّد فيها. ولا أخفي مساورة الريب ومراودة الحذر إزاء مقولات أو نصوص لم تنتهل من هذا المنهل، بالطريقة التقليدية، أي تلاوة النصّ ثم شرحه والتعليق عليه في الحلقة الدراسية من جانب الأستاذ ـ المدرّس. وبعد ذلك القراءة التي توسّع الإحاطة بموضوع الدرس. والمباحثة التي تعدّ محطة أساسية في ترسيخ الفكرة وتعميقها والتمكين من قدرات التعبير عنها واستفزاز إمكانات النقد. ولست أدري إلى أين سيؤدّي اعتماد منهج المدرسة الحديثة: التلقين، الامتحان الدوري. إذ يبدو أنّ المبرّزين من متخرجي هذا المنهج، إنّما أفلحوا لما اعتمدوه من منهج يشابه إن لم يطابق المنهج الحوزوي التقليدي.

ما ورد (أي الانتهال المباشر من ينابيع الفكر) هو على سبيل القاعدة العامّة، التي لا تُعْصَم من استثناءات.

بعد التمكّن ممّا هو قائم، نَقدُه والسعيُّ إلى تجاوزه بما يؤدّي إلى التجديد. التجديد ليس تطريز الرداء على دُرْجَة سائدة، وهي عابرة دائماً. التجديد ليس ترداداً لمفردات منبتّة من سياقات خاصة، لتحشر قسراً في سياق منقطع، فتصير زخرفات تتدلّى، تتلاعب بها رياح، لأن لم تلجأ إلى ركن وثيق. التجديد لا يعني استنساخاً ينقل خلايا، غالباً ما تكون منقوصة، مشوّهة، مشوّشة، غير دقيقة لتُزرع في رحم مغاير، عقيمٍ غالباً، أو مستولدٍ لمسوخ. كيف يمكن زعم التجديد ممّن لا يعرف إلى أين وصل المسار. ما هي نقطة البدء لدى هذا المجدّد؟ لافتقاد هذه النقطة، على الأرجح، لا يقدّم الجهد الفلسفي العربي أمراً معتبراً لميراث الفلسفة العالمي، إلا ما يعمل على تجديد تراثها على قاعدة مواصلته بإدراكه واستيعابه ثم التطوير من داخله ولو باتجاه تجاوزه.

ثانياً: الإحاطة بمنجزات الفلسفة في المجال الآخر، والغربيّ بخاصّة. وتتطلّب هذه الإحاطة:
إدراكاً مباشراً للنصوص في إطار السستام الذي شادت دعائمه ورصّت لبناته. وهو إدراك يختلف عن الإطلاع بوسائط لم تحسن تقديم المقولة كما أدلى بها صاحبها.
إدراك النقد الذي يوجّه إلى هذه المقولات ـ المنجزات من الذين ينتمون إلى السياق الخاصّ بمنتجي هذه النصوص، لأنّهم غالباً الأقدر على اكتناه المضمون وتحديد النقائص وتبيّن النقائض.

ثالثاً: بعد إنجاز ما تقدّم في البندين السابقين (أولاً وثانياً) يبدأ السعي إلى التجديد والإبداع، نحو بناء سستام خاصّ يثق بأنّه قابل للنقض حدَّ ثقته بتماسكه وصحته واستعصائه على التفكيك. تغيب عندنا منجزات التجديد والإبداع في الفلسفة والعرفان. فمن أين يأتيان؟ للتقدّم لا بدّ من معرفة من أين نأتي، وأين نقف، وأين يمضي رفقاء درب المعرفة الإنسانية التي وإن يجمعها النَسَب البشري، تسير في سبل وطرائق مختلفة؟

هذا كان اعتقادي، ولا زال. حين قرأت، في ما توفّر لي من وقت يقلّ عن أسبوع من بين الانهماكات المعروفة وغير المعروفة، «اختبارات المقدّس»، رأيت جهداً يمشي على هدى، لا نقلات خطى سادرة في متاهات معاصرة اللفظ، واضطراب المعنى. «فالمقاربات» التي جعلها الكاتب وهو صاحب سوابق في الاشتغال على الإرث الفلسفي والعرفاني في قسمين بدت لي أنها تنتظم في مسلكين: مسلك مواصلة الإرث الفلسفي الإسلامي، ومسلك الإحاطة بالمنجز الفلسفي الغربي، وفي ثنايا العرض والشرح، نقد خفي أو ظاهر يشي بمكنون سستام في طور المخاض.

في القسم الأول أرى الكاتب أستاذاً مدرّساً يعرض ويشرح ويعلّق وينقد، جمع بين الاحتفاظ بالدلالة الدقيقة للعبارة التقليدية وبين إخراجها في حلّة التعبير العصري الرصين، لا التائه المشغول في حُسْنِه النرجسي، الذي قد لا يكون حَسَناً بالضرورة.

وفي القسم الثاني، رأيتني أسعى في ركبه وهو يسير بقارئه في رحلة ممتعة، شاقّة، يحملك تكثيف العبارة والمعنى على مطاردة بالك إذ يغادر وراء هذه الكلمة وتلك؛ يلاحق إغراء مدلولها العميق، لتستعيده إلى القافلة التي أتقن حاديها أن يغني مَشاهد ترحالها نحو جديده، يصور الفكر الفلسفي الغربي التي تبرز الانبناء والهدم والاعتراك، فلا تكاد تأسرك جلالة البناء حتى يحرّرك سحر التفكيك من غير أن تفقد حلاوة ذا وتيك.
أين السستام عنده؟ الآن، أليس الوقت مبكراً؟ لعلّه كذلك لكن ما يبعث على طرح السؤال حذاقة الكاتب ومهارته في الإحاطة والتجاوز.

التأويل الخلاق

الكتاب يغري بالقراءة، القراءة التي لا تستطيع أن تخرج بتلخيص، فالنصّ فيه هو في الأصل خلاصة. لذا قد يتطلّبُ التوسُّعَ في المطلب والتعليقَ عليه بل السؤالَ النقدي، لاسيّما في مقاربة الأفكار في قوامها أو مستخرجة منه.

هنا، وفي حدود وقت أحسب أنه كان ضيّقاً، لا يُطمح إلى ذلك، بل توقّفٌ عند ما استرعى الانتباه، بل بعض ما استرعاه، وفي النصّ كثير يسترعيه.
÷ اعتبار التصوّف في الإطار التاريخي، حين كاد يغلب اتجاه سلفي يرذل فيه، ما يزعم أنّه فيه وليس فيه، لسوء نية أو لعدم فهم وتعمُّده. الكاتب يدعو إلى عدم إهمال أثر التصوّف «في الإضاءة على الآفاق الروحية الغنية التي يحتويها الإسلام» و«ترسيخ» قيمة الأخلاقية التي تدفع «في مدارج التسامي ومراتب الإرتقاء»، وإلى عدم طمس دوره في ترسيخ الإسلام في «تجارب شعوب لم يكن من الممكن أن يدخل الإسلام سياقها الحضاري إلا عبره ومن خلاله». (ص. 15ـ 16). وهذا الدور الذي يلتفت الكاتب إليه، إذ يقف عند أهميته في إطاره التاريخي، هو دور له قدرة الاستمرار، فلا زال بالإمكان أن يتمكّن الإسلام من الدخول عبره في السباق الحضاري لشعوب، ولو كانت أكثر حداثة تقنياً. الاعتبار التاريخي لدور التصوّف، لا بدّ أن يضيء على ضرورة هذا الدور في رسالة راهنة ممكنة للإسلام.

÷ يعتبر الكاتب أنّ «جدّة أي جهد فلسفي ووجاهته» في «ما يسعى إلى تحقيقه» أي ـ كما يقول الكاتب ـ «ممارسة نظرية؛ فعالية معارضة ونقد وخلخلة للمواقف» و«ممارسة تأمّلية تقود إلى إحداث ثقوب وخلق فجوات في كلّ نسق فكري يدّعي امتلاء ويزعمه» (ص 18). لكن أليس من جدّة الجهد الفلسفي بناء نسق فكري جديد؟

÷ في القسم الثاني، يقدّم الكاتب صفحات مهمّة جميلة في مناهج المعرفة الدينية. الفصل الأول فيه رؤية أجدها ضرورية مصوّبة في مقاربة الشأن الديني. «إذ لا يكشف المعطى الديني عن دلالته العميقة ومعناه البعيد القصيّ إلاّ عندما يؤخذ على صعيد مرجعيته الخاصّة، بأن يتمّ تلمّس مغزاه بما هو إبداع روحي، فلا يختزل حينها إلى أي وجه من أوجهه الثانوية الخاصّة ولا يردّ إلى سياق واحد من سياقاته، كالسياق الاجتماعي أو السياسي مثلا» (ص. 143 ـ 144). لا يمكن فهم المعطى الديني، فعلاً، بإفراغه من مضمونه الأساسي أي الغيبي. كيف لمقاربة تقتصر على المحسوس، وتعتبر الغيب وهماً أو إبدالات أو تعزيز (على ما تقوله مدارس علمنفس في هذا الصدد) أن تفهم، ما تقوم بتجويفه من جوهره. ولذا فإنّ قضية التأويل الخلاّق للظاهرة الدينية «محاولات تحوير أبعادها أو إزاحتها وخلخلتها أو التعمية عليها أو حجبها وطمسها أو تفسيرها وفق مبدأ اختزالي أو التصدّي لنزع الأبعاد الرمزية ـ أو ما يصوّره الطابع الزمني للظاهرة على أنّه أوهام ـ عن تصرّفات الإنسان وسلوكاته وممارساته وانجازاته بافتراضها مجرّد إسقاطات نابعة من اللاوعي، أو أنّها مجرّد عوائق وسدود وأواليات دفاع شكّلها الوعي الإنساني لأسباب اجتماعية وسياسيـة واقتصادية، (ص. 146 ـ 147). لأنّ «المهم» في هذه الظاهرة هو «أنّها تستبطن قيماً روحية». (ص. 147) وهنا، وعلى نحو عابر، يرى الكاتب أنّ ثمّة «وحدة روحية مضمرة» تجمع بين ما تعدّد وانشعب. (ص. 147). ويذهب إلى التقرير أنّ «كلّ تفسير اجتماعي أو نفساني أو تاريخي أو اقتصادي أو نياسي للدين أو للظاهرة الدينية» ناقص ومخلّ (ص147).

ثم يمضي ليقول إنّه «حتى في أشدّ المجتمعات عصرية وعلمنة لا يمكن بحال من الأحوال فهم المنجزات الثقافية» (...) ما لم يتمّ ربطها بنحو ما بالشأن المقدّس، أو بعبارة (أخرى)، ما لم يتمّ الكشف عن أبعادها الدينية ومساراتها الروحية» (ص 146). في هذا القول نقد للمقاربات المُقصية الغيب في الشأن الديني، من جهة، وتأسيس لمقاربة للشأن الديني تتفادى خلل إقصاء الغيبي، وتطمح هذه المقاربة قيد التأسيس إلى تفسير ما هو معصرن ومعلمن، لإدراك منه «أنّ بنية الحضارة الحديثة برمّتها وأخلاقياتها العلمانية العقلانية ودينها البشري» أشكال معلمنة من اليهودية المسيحية. يقول كوربان، الحاضر في الكتاب الذي نحن بصدده، «إنّ الفكرويات والمنجزات في علوم النفس والاجتماع ليست إلا لاهوتات مدنيوة، بل يرى أن الماديّة التاريخية كانت مآل القول التومائي (توما الأكويني). ويتابع الكاتب (ص 364 ) كيف أن العلم بعد أن أقام «نماذج علمية حديثة مناظرة» في علوم الطبيعة والنفس والاجتماع، لما نقده في الدين من النماذج، تبيّن أن الأفكار التي كوّنها العلم عن نفسه، من مثل أنّه الطريق الوحيد إلى الطبيعة الحقيقية، الله، والسعادة هي مجرّد أوهام». (ص 365).

خارطة طريق المقدس

يقطع الكاتب (ص. 135) «بلا جدوائية التفكير في/ولا البحث عن منهج واحد موحّد لاستيعاب (الدين) ووعيه». ولذا تشرع الدعوة إلى أن لا تكون المقاربات شمّالة للتنوعات الدينية، على مشروعية النقد الذي يقيمه في مواضع كثيرة، لكن المستهدف يبقى الدين برمّته. وحتى الدراسة المزدوجة للشأن الديني انطلاقاً من مقاربتين غربية وإسلامية، قرأهما الكاتب جيداً (الفصل الثالث، ص 292 ـ 344)، لا تغني في المقام، لأنّ المجال الإسلامي متنوع وفيه سياقات مختلفة وكذا المجال الغربي، وقد تطرّق الكاتب إلى هذه التــنوّعات في المجالين. وتستمرّ الحاجة إلى نقد قــائم بذاته لكلّ تجربة دينية على حدة، أو اختــبار كمــا شـاء الكاتب أن يعبّر.
÷ يلاحظ الكاتب (ص 334) «أن المبادئ الأخلاقية التنويرية تستبعد أنواعاً معيّنة من السلطة وطرائق معيّنة لشرعنة النظام الاجتماعي، لكنها ببساطة لا تحوي أية مقدّمات منطقية صلبة وغنية بالمادة الفكرية وقادرة على توليد بديل اجتماعي متماسك». ألا يحمل ذلك على طرح السـؤال: لماذا لم تستطع سساتيم إقصاء الغيبي([[) والاقتــصار على المشهود، تقديمَ البدائل التي كانــت تنشدها؟ أليس في ذلك تساؤل ضــروري لا مفرّ منه عن رسوخ الإلهي، الغيــبي كجزء من التركيب الإنساني أو المشهود بعــامّة، وأنّ البتر له تداعيات مضنية؟»، ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكاً؟.

÷ قارب الكاتب المكان وفق منظورات الديني والعلماني. كان يرتقب، هنا، مقاربة الزمان، لاتصالٍ بينهما، حتى أن الزمان يصير مكاناً، وكذا المكان زماناً. المكان ليس بالضرورة امتدادٌ، كما يتصوّره ديكارت. والمقاربة ستكون ثرّة، غنية. تقسيم القاضي سعيد القمّي للزمان من كثيف ولطيف وألطف. هايدغر والزمان والكون كمفاتيح أساسية في بنائه الفلسفي.

÷ في مواضع عدّة استحضرت جهد الشهيد مطهّري في «الدوافع نحو المادية»، لا سيّما الحديث عن القصور الفلسفي، وقصور الفكر الكنسي والظلم السلطوي، يقول الكاتب: «وهذا يعني أن الاتحاد القيصروبابوي بين العرش والمذبح في ظلّ نظام حكم مطلق هو الذي حدّد أكثر من أيّ عامل آخر أفول الدين الكنسي في أوروبا» (ص. 362). كما «أنّ الاعتراف بالكنيسة ومحاولة الدولة صون المسيحية وحماية استمرارها كدين رسمي هما العنصران اللذان كادا يدفعان باتجاه دمار الكنيسة وانتهائها» بلحاظ «الدولة كناقل لسيرورة العلمنة» (ص 363). ولذلك كان النقد العلماني للدين «يثبت فاعليته في الأماكن التي كانت الكنيسة ولا زالت تلتزم فيها بالمستخلص الميتافيزيقي (الأرسطوتوهاوي) للقرون الوسطى». (ص. 364).

طبعاً لا يبرئ الكاتب العالم الإسلامي مما «ولده فرط الحداثة الغربي»، لكنه يعتقد أن في أسباب ما يعاني منه في علاقته مع الديني والمقدّس القطيعة مع «علوم لاهوت استثنائية» (ص. 235) كان يقول الإمام الخميني بثقة قاطعة إنّ الغرب، الذي كان يتغنّى حداثيو القشرة الشرقيون بتقدّم فلسفته، يحتاج إلى ألف عام ليبلغها، لا لاستهانة بما أنجزه المسار الفلسفي الغربي وإنّما لأن انشعابه وسيره في سبل التفكيك جعله يتيه في دروب لا تصل سوى إلى عبثية وتكرّارات، وإن تضمّنت التماعات لا تخلو منها أيّ مجاهدة فكرية.

جميلة جداً صفحات نقد نظرية العلمنة، تتكثّف خلاصة قولها في السطور الأخيرة من الكتاب، حين يبدي عجزها عن «تعليل وجود أشكال مشروعة للدين العام» ما يجعل مراجعتها لثلاثة من أحكامها المسبقة ضرورية. النقد هنا يأتي من قوام النظرية نفسها، في مقدّماتها وفي فرضياتها، بالإضافة إلى ثغراتٍ وعدم قدرتها في الانطباق على وقائع نهضت لتفسيرها.

هذه الوقفات تحريض على قراءة الكتاب الذي لا يلخّص كما قلت، بل يناقش، وأنا هنا في موقع من يقترب كثيراً من مقولاته، وفي كثير منها أتابع، أتبــنّى. وأدعــو إلى البــناء والتركيب، لا سيّما أن الكاتــب يدرك جيداً أثر التفــكيك على المجتمــعات «الحــديثة» فكيف «بالتقــليدية»؟
أمّا لغة الكتاب فهي بيان مكثّف تستدعي عباراته استنفاراً وتحفّزاً، عبارات تولّد معاني تتّسع وتضيق بحسب خبرة المتلقّي. وهي على تراميها لا تخلو من دقّة تكسبها انسياباً يجعلها قادرة على التفلّت من نقد اقتفاء المثالب بقدر ما تستكين إلى نقدٍ مفكّك متجاوز، إذ أنّها ترنو ببصيرة لا تزعم الإمساك بتلابيب الحقيقة وأردانها، فضلاً عن مقاليدها وأزمّتها، وإن كانت تتحصّن بشموخ الباحث الموغل في التقصّي، شموخ يرواغ الاعتداد. لغة تحرص على بين ظاهر مع مقولها، وأن تضامّاً باطناً. والبيان فيه مباينة. إذا بان المقول فقد نأى، والعبارة عبور، اجتياز. عندما تقول تُباين ما كان فيك فأخرجته فصار بينك وبينه بون، مع أنه لك. وإذا كتبت، أي قيّدت، تكون قد أضفت على من باينته أسراً. لذلك الشعور، الحس، المراودة الداخلية أوسع، أكثر أصالة من المكتوب والشفوي. لذا كان الصمت المقام الأسمى. «أطفئ السراج فقد طلع الصبح». ثم كان الصمت. إذا اشتد إحكامها، أي اللغة، زادت المباينة. ولأنّ في اللغة افتراقاً، تستعيض اللغة عن الجفاء بحنان اللفظة وحميمية المعنى، فتصير الكتابة ذاتية، وتنأى الكتابة الموضوعية بنفسها عن هذه التهمة. لكن كيف تكتب وتكون موضوعياً؟ إذا بدوت كذلك فلأنك تمتلك مهارة سحرية لإراءة ما تريد على أنّه حقيقة. إدّعاء الموضوعية فيه على الدوام إعمال سحر. لكن ليس كلّ الذاتية سواء، فلا يستوي الفجّ المباشر الخشبي، مع العليم المدقّق المحقّق. لذا يظلّ التفتيش عن النّصّ الأسمى ذاتياً، وهناك على القمّة يقف النّصّ المعصوم، الذي لا بدّ من المداومة على التقرّب منه لكن إذا لم يكن لديك الطريق، وليس بيدك الكأس، كيف تصل وتشرب؟

مع «اختبارات المقدس»** خريطة طريق وكأس. شكراً خنجر حمية، وننتظرك في العمل القادم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 ** صادر عن دار الأمير، بيروت، .2007

([) بدلاً من المقدّس، لأنه اسم مفعول. هو أقرب إلى المقاربة العلمانية أي الإنسان يقدّس.

* المصدر: جريدة السفير - الصفحة الثقافية - العدد10743 الصادر بتاريخ 7/7/2007

http://beta.assafir.com/WeeklyArticle.aspx?EditionId=686&WeeklyArticleId=24177&ChannelId=3240

الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم.

23-06-2008 الساعة 06:42 عدد القراءات 4197    

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد


جميع الحقوق محفوظة لدار الأمير © 2022