غارودي من الماركسية إلى الإسلام
أستاذ الفلسفة المادية البارز والفيلسوف الفرنسي الماركسي سابقا البروفيسور روجيه غارودي اعتنق الإسلام بعد أن قرأ الديانات كلها. كان غارودي شيوعيا ملحدا، لكنه طرد من الحزب الشيوعي سنة ۱۹۷۰ م وذلك لانتقاداته المستمرة للاتحاد السوفيتي، وبما أنه كان عضواً في الحوار المسيحي الشيوعي في الستينيات، فقد وجد نفسه منجذباً للدين وحاول أن يجمع الكاثوليكية مع الشيوعية خلال عقد السبعينيات، هذا الأديب والمفكر شغل منصب رئيس المجلس الوطني الفرنسي من 1956-1958 . اسلم جار ودي في 11/رمضان/1402 هـ . وبدّل اسمه إلى (رجاء) واحدث إسلامه ضجّة كبيرة في الغرب . يقول غار ودي عن اعتناقه الإسلام، أنه وجد أن الحضارة الغربية قد بنيت على فهم خاطئ للإنسان، وأنه عبر حياته كان يبحث عن معنى معين لم يجده، حسبما يرى غار ودي، إلا في الإسلام. غار ودي ظلّ ملتزما بقيم العدالة الاجتماعية، ووجد أن الإسلام، حسب فهمه، ينسجم مع ذلك ويطبقه بشكل فائق.و ظلّ على عدائه للإمبريالية والرأسمالية، وبالذات لأمريكا.
روجيه غارودي حين أعلن إسلامه قال: أنا لم أعلن إسلامي إعجاباً بما قدم الإسلام للناس فيما سبق من الزمان، بل بالأمل العظيم الذي يمكن للإسلام أن يقدمه للإنسان في مستقبله حينما يريد أن يتعايش لسلام على هذه الأرض.نعم فغار ودي نظر إلى الموضوع بشكل مختلف، وهو أننا نحمل بعض القيم الإنسانية ولا نعرف قيمتها جيداً، وهذه الأخوة والمساواة وعدم احتقار الناس في أعراقهم ولغاتهم وأجناسهم إنها نعمة كبرى، هذا شيء كبير يفتقده الناس الآن في العالم لا يمكن أن يصر موحداً إلا إذا اعترف الناس بعضهم ببعض في حق الحياة، وأنهم إخوة لأنهم جميعاً من آدم(كلكم لآدم وآدم من تراب)و(ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى)، هذا مفهوم إنساني غير قابل للانغلاق ، وهذا هو الذي يحتاج إليه الناس في المستقبل ولا يمكن أن يتوقف.
استمرت رحلة " روجيه غارودي " قرابة نصف قرن - معتمدا على البحث والحوار والفكر - بغية البحث عن الحقيقة الأزلية حتى أسقطت كل المعتقدات والفلسفات والأفكار، وانتهى المفكر العالمي " روجيه " إلى الحقيقة الأزلية: لا إله إلى الله محمد رسول الله.
وأكد " روجيه " في مؤلفاته عن أهم دوافعه إلى اعتناقه الإسلام عندما تعرض للسجن: (أول مرة أتعرف فيها على الإسلام.. عندما أودى بي موقف إلى السجن ثلاث سنوات، وأصدر الكوماندوز الفرنسي حكما بإعدامي رميا بالرصاص، وأصدر أوامره إلى الجنود الجزائريين المسلمين، وكانت المفاجئة.. رفض إطلاق النار، وبعدها عرفت السبب.. إن شرف المحارب المسلم يمنعه من أن يطلق النار على إنسان أعزل).
هذه صورة المفكر الذي يقول: (إن اعتناقي الإسلام لم يكن شيئا من قبيل التجربة، ولكنه كان شيئا كالإنجازات الكبرى في حياة الإنسان.. وعندما شرح الله صدري للإسلام تكونت لدي قناعة بأن الإسلام ليس مجرد دين يختلف عن بقية الأديان فحسب بل إنه دين الله، أعني بذلك أن الإسلام هو الدين الحق منذ خلق الله آدم.. الإنسان الأول.
يقول الدكتور "گرين" هو أحد كبار الخبراء السياسيين في أمريكا ومن الذين اعتنق الإسلام وهو المؤسس والمنشئ لمركز الحضارة والتجديد في أمريكا. " وفي الندوة التي جمعتني مع البروفسور (روجيه غارودي) في دمشق سمعته يتحدث ويهاجم الرأسمالية منذ كان شيوعياً، وكلانا كان لديه نفس الهدف، وهو أن يدعم العدالة. وكلانا كان ضدّ التركيز على الثروة، لأنّ الاهتمام بجمع الثروة ليس بعدل. لقد اتّبع غارودي المبدأ الماركسي الذي يسعى لتحطيم الملكيّة، في حين أنّي كنتُ أعتبر الملكيّة مفتاحاً للحريّة. لكن كلانا كان يرى أن الملكيّة تؤدّي في النهاية إلى الظلم وعدم انتشار العدل، وكلانا كان يدعو إلى نظام يدعو إلى إنتاج وإعطاء العدالة للجميع.. لذلك وجدنا أنّ الإسلام هو الحلّ الوحيد، فهو الذي يحمل العدالة في مقاصد الشريعة وفي الكليّات والجزئيّات والضروريّات، وأنا كمحام كنتُ أسعى إلى مبادئ ليست من وضع البشر..".
ويواصل د. گرين حديثه متطرّقاً إلى أنّ الغرب أخذ هذه الفضيلة من الشرق أي المقاصد والغايات ثمّ وسّعها وحوّلها سعياً وراء القوّة إلى مدنيّة كبيرة، وقد أدّت هذه القوّة إلى التحكّم بالعالم. وقد فقد الغرب هنا الدّوافع لحضارته ومدنيّته. وفي الواقع أنّ تحرّي العدالة ليس هدفاً في الغرب "لذلك بدأتُ أسعى وأفتش عن العدالة. والمفارقة أنني عندما ذهبتُ إلى جامعة هارفارد وحصلتُ على شهادتي في القانون، مكثتُ هناك ثلاث سنوات لم أسمع خلالها كلمة العدل ولا مرّة واحدة".
أعمال البروفيسور روجيه (رجاء) غارودي:
هل نحتاج إلى إله؟، الإله ميّت، ازدهار وتدهور الإسلام (وفي هذا الكتاب يشير غارودي بان الإسلام هو الذي يساعد على تنمية الفضائل الجوهرية لدى المتدين والإسلام الذي يجعل من المتدين به يفيض إنسانية، والإسلام الذي هو ضمير الإنسانية الأخلاقي)، أصول الأصوليات والتعصبات السلفية، دعوة إلى الحياة، لماذا تدعي بأنني؟، نحو حرب دينية، الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية.
المراجع والمصادر:
- الإسلام والغرب، الوجه الآخر .
- مجلة "درع الإسلام/ العدد 37 .
- روجيه غارودي من الإلحاد إلى الإيمان : لقاءات ومحاضرات/ تأليف رامي كلاوي. - ط.2. - دمشق، سوريا : دار قتيبة، 1994 .
- مجلة الوعي الإسلامي .
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |