برحيل المجاهدة الحاجة سامية عبد الحليم شعيب يفتح ملف صبر المقاومين
جهاد أيوب
هكذا هي زنابق تراب بلادي...
هكذا هي صناعة وصناع جسور التواصل بين العطاء والصبر في قرانا...
هكذا هي مفاتيح حكايات النضال الصامت المبني على تعب أهل الأيمان والتواضع...
وهكذا كانت المرأة الفلاحة والطيبة المقاومة والمجاهدة التي سطرت في كتاب الوطن قصيدة من لحم ودم دون أن تربحنا جميل، ودون أن تعتدي على كرامات الناس، ودون أن تصاب بعقد الغرور، ودون أن تزعج من حولها، فرسمت على جدران منازلنا صورة الأبطال، وساهمت بزرع عطر الشهداء، وكانت إشراقة مواقف نصرت بطولات نساء عامل... إنها الحاجة سامية عبد الحليم شعيب، والدة الزميل الصديق الحاج إبراهيم...تلك التي يصح فيها القول:
" هنالك أناس تقاس حياتهم بسنوات أعمارهم، وأناس العمر يتزين بهم، وهذه الحاجة التي غيبها الموت مساء أمس لنجد أن العمر والحوار والحديث والكلمات تتزين بسيرتها بسمعتها، بمواقفها، وببطولاتها..."...
قد يستغرب بعض من يقرأ سبب الكتابة عن هذه الصابرة، وببساطة نرد بأن إمرأة أنجبت 8 شجرات مثمرة، وحضنت ضناها بكبرياء الاوطان، وانحناء سنابل القمح، وتعليم الحرف!
نكتب عن هذه السيدة الفاضلة التي ساعدت المقاومة بكل ما للكلمة من معنى، وهربت السلام لجنود الله، ووقفت شامخة أمام المحتل الصهيوني وعملائه، لم تأخذها الأمومة الكلاسيكية من الجهاد في سبيل شرف الوطن، ولم تقبل هي أن ترعرع أولادها دون أن توجههم إلى عشق الكرامة، وزرع الكرامات، وحماية الدار وأهله والجيران...بل كانت الأم الصابرة بكل ما للكلمة من عمق، وكلنا يعرف مظلومية الحياة التي كانت على أيامها، والحرمان المزروع في كل زوايا مناطقنا، وتجاهل الدولة ونظامها وحتى من استقبلناهم ضيوفاً في بيوتنا لتاريخنا وبصماتنا وصفحاتنا... وبأمثال الحاجة سامية فرضنا حضورنا، ومقاومتنا، وشرف تعبنا...
رحمك الله يا سيدة التواضع وتراب الحبر، وأناشيد الأيام المقبلة، ولأجيال قد لا تعرف جهود هذه الكوكبة المنتجة لحبات مطر روت اليباس حتى أصبح إخضراراً في أرضنا وفكرنا وجهودنا...بأمثال هذه النسوة تشرق شمس وجودنا...