هل حق الدفاع عن النفس مســموح بــه؟
* بقلم: واصف عواضة
ثمة من يصر على التعاطي مع « حزب الله » وكأنه عصابة مسلحة تغتنم الفرصة لوضع يدها على الدولة والبلد، متجاهلا الفرص الكثيرة التي أتيحت للحزب وحلفائه للقيام بهذه الخطوة من دون ان يقدم على ذلك منذ تحقق التحرير على يد المقاومة في أيار 2000، حين وقف الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في مهرجان بنت جبيل وقال للدولة بالفم الملآن «هاكم البلاد والعباد فتسلموا الزمام» وهو ما لم تفعله مقاومة في الدنيا من قبل.
لا أحد ينكر بالطبع أهمية الكلام الذي يطلقه السيد نصر الله في كل مناسبة لما يمتلكه الرجل من مصداقية لدى العدو قبل الصديق، ولكن ليس من حق أحد أن ينكر على نصر الله حق الكلام والتعبير عن الهواجس التي تنتاب الشريحة التي يعبر عنها، خصوصا أن الرجل يمثل حزبا هو من أكبر الاحزاب اللبنانية ان لم يكن أكبرها، ولديه كتلة برلمانية وازنة ووزراء في الحكومة، وهو انطلق في خطابه الأخير من معلومات تحمله على اتخاذ خطوات استباقية من شأنها اذا تعامل الآخرون معها برحابة صدر ان تمنع الفتنة عن البلد.
فالمعلومات المتداولة عن شبكات التجسس المتتالية التي وضعت الاجهزة الأمنية يدها عليها خلال السنة المنصرمة، وآخرها في شبكة « ألفا » للاتصالات، هذه المعلومات تضع البلد برمته على صفيح ساخن، وان كان البعض يصر على التعاطي معها ببرودة كيدية. فإذا لم تكن المقاومة معنية بهذه الاحداث الخطيرة، فمن هو المعني بها أكثر منها، خصوصا أن أحدا لا يستطيع ان ينكر ان المقاومة ومن ورائها « حزب الله » هي المستهدفة الأولى من وراء هذه الشبكات الخطيرة؟ بل لعل السيطرة على قطاع الاتصالات وفق المعلومات المتداولة هي الأكثر خطورة في استهدافات العدو الاسرائيلي للبنان وشعبه ومؤسساته، فكيف اذا كان هذا القطاع أحد أهم عناصر التحقيق في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟
وليس غريبا ان الدول التي تحرص على أمنها وسلامتها العامة تُخضع قطاع الاتصالات للمراقبة الدقيقة، سواء في إعطاء الرخص أو في عمليات التشغيل حرصا منها على تجنب الاختراقات المعادية. ويعرف الكثيرون في لبنان ان شخصيات لبنانية رفيعة وشركات عالمية كبرى سعت في بعض بلدان العالم الى الحصول على استثمارات هاتفية خلوية، لكنها أخفقت في ذلك لأسباب أمنية بعد ان وضعت أجهزة الأمن والمخابرات في تلك البلدان إشارات سلبية على تلك الشخصيات والشركات، بغنى عن رأي الحكومات والوزارات والهيئات المعنية. فهل يجوز أن يفلت الحبل على غاربه في قطاع الاتصالات في لبنان وعلى النحو الفضائحي الذي نشهده حاليا؟
ولخطورة هذا القطاع القابل للاختراق وعت المقاومة في لبنان باكرا ضرورة إنشاء شبكة اتصالات سلكية خاصة بها، وقد كانت هذه الشبكة عنصرا أساسيا في تجنب الهزيمة على يد اسرائيل، مثلما كانت سببا لأحداث السابع من ايار بعد القرار الملغوم الذي اتخذته الحكومة اللبنانية في ذلك الحين.
في الخلاصة المقاومة مستهدفة، و« حزب الله » لا يعتبر نفسه عصابة مسلحة، وهو جزء لا يتجزأ من الدولة اللبنانية وعنصر أساسي في حماية لبنان، أيا كانت ردود الفعل على كلام السيد نصر الله. ولعله من الخير العميم للجميع التعاطي مع هذه الثوابت بعقل منفتح وأعصاب باردة، لأن الكلام المرسل « فوق السطوح » لن يجدي نفعا.
فعندما يستخدم الآخرون أسلحتهم المشروعة وغير المشروعة ضد المقاومة، سيكون من حق الحزب الدفاع عن السلاح بالسلاح وعندما يصبح الحزب هو المستهدف عندها يصبح الدفاع عن النفس بكل الوسائل.. نعم بكل الوسائل، متاحا... وعندها لا حول ولا قوة إلا بالله!
المصدر: جريدة السفير اللبنانية - عدد 11644 الصادر بتاريخ الإثنين الواقع فيه 19/7/2010
* واصف عواضة : إعلامي لبناني - مساعد المدير العام لشؤون الاخبار والبرامج في تلفزيون لبنان
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |