الوعد الصادق
"يوميات الحرب السادسة"
لمؤلفه: الأستاذ محمد حسين بزي
بقلم: رضي السمّاك
أثناء تجوالي في معرض الكتاب الأخير وبينما كنت أبحث عن دار الأمير اللبنانية ومديرها الصديق محمد حسين بزي كان ثمة شعور من القلق يخامرني بأني لن أجد جناح الدار وصاحبها هذه المرة في المعرض بعدما علمت مقدماً بما لحق مبناها من دمار كامل من قبل العدوان الإسرائيلي البربري الوحشي العنصري على لبنان الذي سوى الدار بالكامل بالأرض.
ولكن ما لبثت أن فوجئت مذهولاً بوجود الدار وصاحبها في نفس موقعها الاعتيادي وأخذت أتأمل للوهلة الأولى عما إذا كانت هي حقا "دار الأمير" ولم يطل تأملي حتى باغتني الصديق بزي بالأحضان فتبادلنا العناق مهنئاً بسلامة الوصول بلده الثاني البحرين وسلامة النجاة من الحرب العدوانية وصمود المقاومة الوطنية والشعب اللبناني في مواجهة العدوان الإسرائيلي بينما برزت خلفه في أحد أركان الجناح صورة «بوستر« كبيرة لركام مبنى الدار وفوق الركام يقف في شموخ وتحد صاحب الدار وكأنه خارج من تحت الركام يعلن بأنه واحد من طيور الفينيق اللبنانية. والحال لم تكن دار الأمير هي وحدها التي تضررت تضرراً كاملاً أو جزئياً من العدوان الإسرائيلي بين دور النشر اللبنانية في الضاحية الجنوبية فهنالك العديد من هذه الدور الشهيرة جلها إسلامية. وفي كل مشاركة لدار الأمير - التي تشتهر بعملها الرائد في ترجمة وإصدار أعمال المفكر الإسلامي الإيراني الراحل علي شريعتي - ثمة جديد قيم في إصداراته جدير بالاهتمام ويجذب القراء لكن جديد دار الأمير هذه المرة سياسي تاريخي متميز لا يتكرر إلا نادراً ذلك هو المجلد الذي تولى إعداده وتأليفه صاحب الدار نفسه محمد بزي في طباعة أنيقة فاخرة تحت عنوان «الوعد الصادق« وهو العنوان الذي أطلقه حزب الله على عملية خطف جنديين إسرائيليين والتي على أثرها شنت إسرائيل عدوانها الهمجي الوحشي البربري على الشعب اللبناني طوال 33 يوماً وبذلت المقاومة الوطنية اللبنانية ما في استطاعتها من عدة وعتاد وصمود واستبسال للتصدي له. قبل أيام حضرت أمسية الحفل الذي دعاني إليه الصديقان محمد بزي وكريم فخراوي صاحب مكتبة فخراوي بمركز السنابس الثقافي لتدشين بيع الكتاب وتوقيع نسخ منه للحاضرين من المثقفين والكتاب والصحفيين وحيث القيت في الحفل كلمة للمؤلف حول دوافع وظروف تأليفه وكلمتان ترحيبيتان من إدارة المركز وصاحب مكتبة فخراوي وكيل بيع الكتاب في السوق المحلية. الكتاب - المجلد الصادر عن « دار الأمير« وهي إحدى الدور النشطة المحسوبة على حزب الله هو بلا شك بالغ الأهمية بغض النظر عن منهج وخط صاحبه السياسي الذي قد نتفق معه في هذا الجانب ونختلف معه في ذلك الجانب من الكتاب نفسه، أو طريقة إعداده. وتكمن أهميته في كونه ربما يكون أشمل موسوعة أرشيفية تاريخية لتوثيق وتدوين يوميات العدوان الإسرائيلي بكل تفاصيلها على امتداد 33 يوماً منذ يوم الإعلان عن خطف الجنديين الإسرائيليين في 12/7/2006م حتى اليوم الرابع والثلاثين الذي تم فيه تنفيذ وقف إطلاق النار من قبل الجانبين. وهو يدون في هذه اليوميات الأحداث الميدانية يوماً بيوم بكل تفاصيلها من مواجهات وأعمال تدمير وحشية ارتكبها العدوان والخسائر في صفوف الجانبين وبيانات المقاومة والتحركات والمواقف السياسية اللبنانية والعربية والدولية بما في ذلك التحركات الدبلوماسية على جميع هذه الأصعدة ورصد لمواقف الحكومة والقوى السياسية داخلياً وكذلك رصد لصدى أحداث العدوان ومواجهته في الصحافة العربية والعبرية والغربية. كما يشتمل الكتاب المجلد على استعراض لخطب وتصريحات قائد الحزب السيد حسن نصر الله وكذلك تصريحات بعض قادته. والكتاب الذي استهله المؤلف بمقدمة للدكتور طراد حمادة احد وزراء الحزب في الحكومة ختمه بمجموعة من الصور الملونة المؤثرة المعبرة عن أحداث العدوان وما تكبده الشعب اللبناني من آلام وتضحيات هائلة في النفوس والعمران من جرائه سيظل يعاني منها طويلاً. تلك هي ابرز عناوين المجلد الأرشيفي ليوميات الحرب على لبنان والذي إذ لا يتسع المقام هنا لتقديم قراءة نقدية متوازنة موضوعية سريعة له فإننا نأمل تقديمها لماماً مستقبلاً من دون أن يقلل ذلك كما ذكرنا من قيمة هذا الكتاب التوثيقي التاريخي الفائق الأهمية. وإذ نشد بحرارة على يد الصديق محمد بزي على هذا الانجاز الباهر وعلى أيدي كل من قدموا له وسائل الدعم المالي والفني لإخراجه بحجمه (848 صفحة من الورق المصقول) معبراً عن دهشتي فأثنيت على المؤلف بزي والدار على هذه التضحية في التكاليف بما فيها من خسارة لدار خارجة للتو من الركام.
إنني أرى كتاباً وثائقياً وطنياً إسلاميا قيماً يخص تاريخ شعب وأمة بأكملها جدير بأن يتداول على أوسع نطاق بين عامة المثقفين والساسة العرب لا البحرينيين وحدهم باعتباره يؤرخ لحدث تاريخي مهم معاصر من أحداث هذه الأمة. بحيث يعمم هذا السجل الوثائقي على أوسع نطاق. والله من وراء القصد.
/ أخبار الخليج البحرينية/ العدد 10427- /20/10/2006
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |