الشيخ النمر والقتل تعزيراً بين النهج الحقوقي والضغط السياسي
إيمان شمس الدين *
التعزير : وهو التأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود.
" الأحكام السلطانية " للماوردي (ص/236) .
فإذا ارتكب أحدهم مخالفة شرعية لم يرد الشرع بتقدير عقوبة خاصة بها ، ورأى القاضي أنها من الخطورة بقدر بحيث تستحق العقوبة عليها ، فإن له أن يعاقب هذا المتعدي بما يراه مناسبا لجرمه وذنبه ، وهذا ما يسميه الفقهاء بـ " التعزير "، وله أحكام وتفصيلات كثيرة مذكورة في مطولات الفقه .
ولما كان مقصد التعزير هو التأديب ، كان الأصل ألا يبلغ التعزير إلى حد القتل بحال من الأحوال ، لكن لما رأى الفقهاء أن بعض الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة تدل على إيقاع عقوبة القتل على هذا الوجه ، كانت لهم بعض الاستثناءات التي تجيز القتل كعقوبة تعزيرية وليست حدية ، وذلك لخطر بعض الجرائم العظيمة ، ولتحقيق المصلحة العامة للدولة والمجتمع الإسلامي .
المصدر :http://islamqa.info/ar/138334
صدر حكم الاعدام تعذيراً بحق الشيخ نمر النمر في ١٥ أكتربر ٢٠١٤ ، وهو ما يعني :
أولاً: تصنيف مواقف الشيخ النمر على أنها مواقف ترقى لمستوى جرائم تهدد أمن المجتمع والدولة وتسبب الفتنة وتضر بالمسلمين.
ثانياً: إرجاء أمر إمضاء حكم القضاة بالاعدام لولي الأمر والمتمثل بالملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ، فهو الآن المعني الوحيد تقريبا وظاهريا في العفو من عدمه.
سنقف بداية مع ما قام به الشيخ نمر النمر من أعمال اعتبرها القضاء السعودي أعمالا ترقى لمستوى جريمة تستحق الاعدام تعذيرا.
كان حراك الشيخ النمر حراكا سلميا لم يثبت إلى الآن وفق تتبعي استخدامه لأي وسيلة عنفية مطلبية، بل كان رأيه جلي في رفض العنف المطلبي، فكان يستخدم الوسائل السلمية في مواجهة تعسف السلطة السعودية في حق مكون من مكونات الوطن .
أدوات الشيخ النمر كانت :
١. الخطابة : حيث كان منبر المسجد منصة يقوم من خلالها بطرح المطالب الحقوقية لمواطنين لهم حق أن يعاملوا وفق مبدأ المواطنة بالتساوي مع نظرائهم في الوطن .
منها :
-حرية العقيدة وممارسة الشعائر .
- حق استلام وظائف متقدمة في الدولة وفق مبدأ الكفاءة لا الولاء المذهبي والقبلي.
- تحرير سجناء الرأي الذين يقبعون في السجون دون محاكمة منذ سنوات.
- تقديم الخدمات المعيشية اللائقة لأهالي الشرقية خاصة العوامية .
- حرية التعبير وحرية الرأي كما جاء في شرعة الأمم.
- المساواة والعدالة وفق مبدأ المواطنة الصالحة.
- رفع منسوب الحرية وتقليص القمع البوليسي.
- الدفاع عن العوامية بالذات لما تعيشه من عزل وحرمان وفقدان للخدمات المعيشية ومعاقبتها على مواقفها المناهضة للظلم والتمييز.
٢. المسيرات والاعتصامات السلمية الرافضة للتميز والمطالبة بنفس المطالبات السابقة. وهي مسيرات رفعت بها شعارات مطلبية وخلت من مظاهر العنف واقتصرت على الهتافات ورفعت يافطات تعبر عن رأي أصحاب الحراك.
لم يسجل إلى الآن ضد الشيخ النمر أي ممارسة خارج ذلك ، وتم اعتبار هذه الممارسات جرما يستحق الاعدام.
كانت خطابات الشيخ النمر والشعارات التي يتبناها خطابات تصعيدية ضد حكام السعودية ، فكان يقرن مواجهتهم وكشف ممارساتهم مع مطالباته الحقوقية ، مما تم اعتباره جريمة لتعديه على أولياء الأمر وفق منهج المؤسسة الدينية الحاكمة في السعودية.
هل أهل الشرقية فقط من يعاني من تمييز عنصري ؟ وهل هم فقط منتقصة حقوقهم ؟
استقراء الواقع الشعبي المعيشي في السعودية يكشف أن كثير من المناطق تعاني ضنكا معيشيا حادا ، بينما تتكشف يوما بعد اليوم الهوة الطبقية في المجتمع السعودي خاصة بين العائلة الحاكمة وبقية أفرادالشعب .
وعل سجن وليد أبو الخير الحقوقي السعودي يدلل على الحساسية الشديدة لدى السلطة في السعودية من كل حراك مطلبي حقوقي يكشف حقيقة ما يعانيه أغلبية الشعب هناك ، كون السعودية دولة نفطية غنية .
إضافة لكثير من التقارير التي تنشرها المنظمات الحقوقية في الغرب حول السجون في السعودية، وحول الوضع الحقوقي فيها وأكثر من تقرير أدان السعودية ووضح بطريقة غير مباشرة من كونها دولة قمعية بوليسية.
منها التقرير العالمي في عام ٢٠١٢ الصادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش حيث قالت :
صعّدت سلطات المملكة العربية السعودية خلال عام 2012 من حملات التوقيف والمحاكمة للمعارضين السلميين، وردت بالعنف على المظاهرات التي خرج فيها مواطنون. تستمر السلطات في قمع حقوق 9 ملايين سيدة وفتاة سعودية و9 ملايين عامل وافد، أو هي تخفق في حماية هذه الحقوق. كما حدث على مدار الأعوام الماضية، تلقى آلاف الأشخاص محاكمات غير عادلة وتعرض آخرون للاحتجاز التعسفي. شهد العام محاكمات لنحو ستة من المدافعين عن حقوق الإنسان والعشرات غيرهم ممن عبروا عن آرائهم سلمياً أو تجمعوا سلمياً للمطالبة بالإصلاحات السياسية والحقوقية.
وأضافت في بند حرية التعبير والمعتقد والتجمع :
قبضت السلطات في عام 2012 على أشخاص على خلفية نشر الانتقادات السلمية والنشاط بمجال حقوق الإنسان. أدين محمد البجادي – رجل الأعمال والناشط الحقوقي – بتهمة تأسيس الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية، وأدين يوسف الأحمد، رجل الدين، بتهمة عصيان كبار رجال الدين بأن دعا للإفراج عن السجناء أو محاكمتهم. أصدر الادعاء صحف اتهام مسيسة، بينها التواصل مع منظمات حقوقية دولية، ضد عبد الله الحامد ومحمد القحطاني ووليد أبو الخير وفاضل المناسف.
وتمنع المملكة السعودية ممارسة الشعائر الدينية بشكل علني على غير المسلمين، وتمارس تمييزا متواصلا على الأقليات الدينية، وخاصة الشيعة والإسماعيليين. طالب المفتي في مارس/آذار بتدمير جميع الكنائس في الجزيرة العربية. في عام 2012 قامت السلطات باعتقالات لأفراد بسبب التعبير عن آراء دينية، بينهم في فبراير/شباط حمزة كاشغري، الذي سلمته ماليزيا إلى المملكة بسبب اتهامات بالازدراء متعلقة بحوار متخيل له على تويتر مع النبي محمد. في مايو/أيار قبضت السلطات في بلدة عرعر شمالي البلاد على شخصين بتهمة الردة، لأنهما تبنيا المذهب الأحمدي.
في يونيو/حزيران أوقف الادعاء رائف بدوي بتهمة إدارة موقع لليبراليين السعوديين، بوصفهأمرا مهينا للإسلام. بحلول أغسطس/آب كان قد تم ترحيل الرجال والنساء الـ 35 الأثيوبيين المسيحيين، الذين قُبض عليهم في ديسمبر/كانون الأول 2011 بتهمة "الاختلاط غير المشروع" أثناء عقد شعائر دينية. ويشمل التمييز الرسمي ضد الشيعة الممارسة الدينية، والتعليم، والمنظومة العدلية. عادت الاحتجاجات الشيعية مرة أخرى في أكتوبر/تشرين الأول 2011 وتصاعدت وتيرتها في يناير/كانون الثاني ثم في يوليو/تموز 2012 عندما قبضت السلطات على الشيخ نمر النمر، رجل الدين الشيعي البارز. قتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 11 شيعياً في مظاهرات منذ عام 2011. طالب المتظاهرون بالإفراج عن السجناء الشيعة وإنهاء التمييز.
وفي يوليو/تموز أفاد نشطاء بأن 100 سعودي في البريدة ونحو 12 آخرين في مول تجاري في الرياض تظاهروا للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين منذ مدة طويلة دون محاكمة. تدخلت قوات أمن الجامعة والأمن العام في مارس/آذار لوقف مظاهرة لطالبات بجامعة الملك خالد، مما خلف قتيلة واحدة على الأقل. حسب تقارير أصيبت السيدة بنوبة صرع سببها محاولة قوات الأمن إجبار الطالبات على التفرق.
لا تسمح السلطات السعودية بالجمعيات السياسية أو الخاصة بحقوق الإنسان. في ديسمبر/كانون الأول 2011 منعت السلطات الترخيص عن مركز العدل لحقوق الإنسان، ولم ترد على طلبات بتراخيص مقدمة من مؤسسة "مراقبة حقوق الإنسان" في السعودية التي سجلت في كندا في شهر مايو/أيار.
في يوليو/تموز أفرجت السلطات عن نذير الماجد المحتجز منذ أبريل/نيسان 2011 بسبب كتابات انتقادية، وأفرجت محكمة عن خالد الجهني، المحتجز منذ أن تظاهر وحيداً في يوم الغضب السعودي، 11 مارس/آذار 2011. في فبراير/شباط تم إخلاء سبيل هادي المطيف بعد احتجازه 18 عاماً، وكان أغلب هذه المدة على ذمة الإعدام، وقد أدين بالردة بتهمة إهانة النبي. قبل المفتي توبته.
http://m.hrw.org/ar/world-report-%5Bscheduler-publish-yyyy%5D/2013-2
وفي تقرير أخر مرفق المصدر جاء فيه:
"الانتهاكات بحق المطالبين بالحريات العامة وناشطي المجتمع المدني في السعودية تصل الى مستويات مرتفعة. والسلطات السعودية تأخذ من الحملة على الإرهاب أداة لتصفية حساباتها مع المعارضين والناشطين. هذا ما تخلص إليه تقارير لمنظمات حقوق الإنسان عرضت على هامش أعمال الدورة 27 لمجلس حقوق الانسان في جنيف."
http://www.almayadeen.net/ar/news/gulf-tDvO6tE8VECPCKOkAIfSPg/تقارير-حقوقية-انتهاكات-السعودية-تصل-إلى-مستويات-مرتفعة
هذه تقارير توضح الانتهاكات التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في حق مطالبين سلميين من كافة المشارب الفكرية والعقدية ، تثبت أن أي حراك مطلبي حقوقي سلمي يطالب بحقوق المواطنة التي هي واجب على الدولة توفيرها لمواطنيها ليتحقق أقل قدر من الاستقرار الاجتماعي والطاعة ، هو محل اتهام وبالتالي اعتقال وقد يصل الأمر للاعدام كوسيلة لمنع أي جهة التفكير في تقليد الآخرين في تلك الحراكات ، أي وسيلة قمعية بعنوان ديني مشرعن .
ولكن ما هي التهم الموجهة للشيخ نمر النمر؟
كما ورد في لائحة الاتهام فإن ما تم توجيهه للشيخ من تهم هو :
١- الدفاع عن المطلوبين في قائمة ال ٢٣ . وهي قائمة ضمت مجموعة أسماء لشباب اعتبروا خطرين على الدولة وأغلبهم من شباب الحراك المطلبي السلمي.
٢- إلقاء خطب تخل بالوحدة الوطنية ، وبمراجعة خطب الشيخ لايوجد فيها أي طرح مذهبي تمييزي بل جلها أطروحات مطلبية سلمية .
فالوطنية كي تتحقق لابد من إقامة لوازمها وهي أداء الدولة لواجبها اتجاه مواطنيها كي يحس المواطن بالانتماء لتلك الدولة فيؤدي بذلك حقها ، ومن حقوقها الوحدة الوطنية التي تحفظ الاستقرار الاجتماعي . فسلب الحقوق مدعاة للعقوق، وعدم توفير متطلبات المواطنة هو مدعاة للفوضى والخلل الأمني الاجتماعي.
٣- التجريح في ولي الأمر في خطب الجمعة .
٤- اعتبار أن الولاء لآل سعود يناقض الولاء لله ولرسوله .
٥- الاعتقاد بعدم شرعية نظام الحكم في البلاد.
والشرعية تكتسب من خلال عقد بين الحاكم والمحكوم تكون فيه مقبولية المحكوم للحاكم أحد شروط ذلك العقد وفق أسس الحكم العادل ، فهل هذا ينطبق على آل سعود الذين يطالبون اليوم بحق الشعوب في سوريا والعراق بالمشاركة في الحكم بينما هم يرفضون أن يفعلوا ما يطالبوا به غيرهم ؟
٦- دفاعه عن السجناء التسعة المنسيين وهم مجموعة تم اعتقالها بتهمة تفجير الخبر وإلى الآن لم تتم محاكمتهم .
٧- التدخل في شؤون دولة البحرين
وماذا نعتبر تشجيع السعوديين من قبل المؤسسة الدينية في السعودية ومن قبل جهات نافذة في الحكم للذهاب والقتال في سوريا والعراق ؟ وماذا نعتبر فتاوى العلماء في السعودية بحق دول وأنظمة مجاورة ؟ بل ماذا نعتبر ذهاب قوات سعودية إلى البحرين لقمع الثورة البحرينية قمعا عسكريا بينما الشيخ عبر سلميا عن رأيه في دعم الثورة وفق اسس حفظتها شرعة الأمم في التعبير عن الرأي .
٨- رفع خطبه على الانترنت .
٩- تأييد الهتافات التي تطلق ضد الدولة.
١٠- الدعوة لعدم نسيان الشهداء
١١- اتهام قوات الطوارئ بأنهم من قتلوا الشهداء ووصفهم بقوات إثارة الشغب.
١٢- تحريض الناس على الدفاع عن المطلوبين في قائمة ال ٢٣ .
١٣- التحريض على الخروج في التظاهرات .
١٤- وصف حكام الخليج بالظلمة .
١٥- التحريض على ضرورة إخراج درع الجزيرة من البحرين .
١٦- إظهار الفرح بعد وفاة وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز.
وجلها تهم شخصانية تقع تحت حرية التعبير عن الرأي وحرية الاعتقاد ، مارسها بشكل سلمي لم يستخدم فيها أي عنف مسلح يهدد وجود الدولة واستقرار المجتمع أمنيا .
وتقع تحت حقه في المطالبات الحقوقية والدفاع عن المسجونين وفق أطر سلمية .
بل هي تهم لا ترقى لمستوى العقوبة التي يفترض أن تكون من جنس العمل .
هذا إذا تحدثنا من زاوية حقوقية صرفة .
أما لو سلطنا الضوء على موضوع إعدام الشيخ النمر من زاوية سياسية فنستطيع القول أن الحكم سياسي تحول فيه الشيخ النمر لورقة ضغط إقليمية بيد النظام في السعودية للأسباب التالية:
١- الموضوع السوري وتداعياته حيث وضعت المملكة العربية السعودية ثقلها المادي والبشري والفتوائي في خدمة كل من يسعى لإطاحة النظام في سوريا ، وما تصريحات جو بايدن الأخيرة إلا دليل دامغ على واقع هذا الدعم والدور.ورغم كل هذا الثقل في الملف السوري إلا أنها لم تحقق أي تقدم واضح على الأرض .
٢- الملف اللبناني الذي خسر به حلفاءها رئاسة الوزراء وتم تحييدهم بالضربة القاضية من قبل خصومها في ٨ آذار.
٣- الملف البحريني وما تعنيه البحرين لها من حديقة خلفية تقع على حدودها الشرقية التي تغلي بحراكات مطلبية متكررة ، وتاريخيا هناك تأثر وتأثير بين أهل الشرقية والبحرينيين سياسيا وحراكيا إضافة لروابط النسب والمصاهرة . وحيث أن الشرقية ثقل المملكة الاقتصادي حيث آبار النفط تقع غالبا فيها إضافة لأجود أنواع التمور يتم تصديرها من هناك وهي مصدر اقتصادي مهم جدا للملكة أيضا.
٣- الملف العراقي الذي غرقت في مستنقعه وخسرت فيه مواقع متقدمة بعد وصول نوري المالكي ، الذي وفق تقارير استطاع إبعاد العراق عن محور أمريكا - السعودية وأخذها لمحور الممانعة الرافض للتقسيم ولمشروع الشرق الأوسط الجديد.
٤- الملف اليمني وتداعياته وسيطرت الحوثيين الذين تعتبرهم السعودية ذراع إيران ، وحيث استطاع الحوثيين إسقاط المبادرة الخليجية التي صادرت الحراك الثوري فيها ، وتمدد الحوثيين ليصلوا إلى منفذ بحري مهم يطل على البحر الأحمر ، وهو ما يشكل خطرا يخنقها بحريا يضاف لمضيق هرمز.
والملاحظ أن هذه الدول : البحرين واليمن والعراق دول تشترك بحدود مهمة مع المملكة العربية السعودية وتؤثر بشكل كبير في الداخل السعودي من جهة، وفي الواقع الاقليمي من جهة أخرى نتيجة الدور الإيراني المتقدم فيها ، إضافة للأهمية السياسية المؤثرة في موقعها الجغرافي لكل من سوريا ولبنان في الصراع الممتد تاريخيا بين المدرسة الوهابية المتحالفة مع آل سعود ومدرسة الاخوان المسلمين المتحالفة حاليا مع الأتراك أصحاب الخلافة العثمانية التي واجهت آل سعود تاريخيا وحجمت من أدوارهم وتمددهم .
إذا مع هذه الظروف السياسية الإقليمية ، يتضح صراع الوجود والوظيفة الذي تخوضه السعودية ضمن محورها وتحالفاتها مع أمريكا والغرب ، ضد إيران وحلفائها كروسيا وسوريا والصين ، فحلف يناهض الشعوب رغم شعارات التحرر ويسعى للهيمنة وبسط النفوذ، ويشيع الفوضى بكل مصاديقها وأخطرها الفوضى المذهبية من خلال الدعم اللوجيستي والمادي لداعش وغيرها من الحركات المتطرفة، ويبتعد حتى عن الإدانة اللفظية للكيان الصهيوني حتى حينما يمعن في قتل الغزاويين ، وحلف يسعى للتحرر الحقيقي ويوجه بندقيته باتجاه الكيان الصهيوني ، ويرفض عمليا كل محاولات الاقتتال المذهبي بل يمضي في دعم حركات التحرر المقاومة والمنهاضة للامبريالية العالمية.
وأحد الأدلة على الضغط السياسي هو تصريح وزير خارجية السعودية سعود الفيصل ضد إيران المفاجيء، رغم شياع جو إيجابي سابق بين الدولتين بعد إعلان زيارات متبادلة بين البلدين، في ليلة سابقة ليوم الحكم على الشيخ نمر النمر، ثم تلاه في اليوم التالي إصدار الحكم بالإعدام على الشيخ.
وهو ما يعتبر مؤشر مهم في تسيس الحكم وتحويله لورقة ضغط إقليمية تضاف للورقة النفطية التي استخدمتها السعودية من خلال إغراق السوق بالنفط ، للنزول بسعر البرميل لأسعار تشكل خطرا اقتصاديا ضاغطا على روسيا وإيران المحاصرة إقتصاديا.
فمذابح البشر باتت ثمنا لصفقات السياسة ، لذلك نحتاج حراكات حقوقية عالمية تضغط للافراج عن الشيخ النمر، ومطالبة السلطات السعودية بالنأي بالقضايا الإنسانية عن المساومات السياسية، وحراك إقليمي ضاغط يمنع تحويل الشيخ النمر لورقة سياسية ضاغطة يساوم بها مع الآخرين، وكأن حياة رموز كهؤلاء هي ملك لولي الأمر يفعل بها ما يشاء وبتسهيلات فتوائية من المؤسسة الدينية من وجهة نظر مدرسة لا ينتمي لها الشيخ نفسه، ويختلف معها في تشخيص ماهية ولي الأمر أولا، وشخص كانت تهمته حراكه المطلبي في الدفاع عن المظلومين والمطالبة بحقوق المواطنة ثانيا.
السكوت عن إعدام رمز ديني كالشيخ النمر ، هو تأسيس وتعميق لسياسة تكميم الأفواه، ورضا بهيمنة مدرسة دينية في التشريع والتشخيص بطريقة إقصائية جبرية سياسيا واجتماعيا، وهو انتهاك واضح لحق المواطنة الذي تدعيه المملكة بحق شعبها.
فلا طاعة لولي أمر لا يؤدي واجباته اتجاه شعبه،ولا طاعة لولي أمر لا يوجد له مقبولية ضمن عقد بين الحاكم والمحكوم، في وقت يطالب به ولي الأمر ذاته بحق شعوب أخرى في اختيار حاكمها والنظام الذي يدير وطنها.
* إيمان شمس الدين : كاتبة وباحثة
فإذا ارتكب أحدهم مخالفة شرعية لم يرد الشرع بتقدير عقوبة خاصة بها ، ورأى القاضي أنها من الخطورة بقدر بحيث تستحق العقوبة عليها ، فإن له أن يعاقب هذا المتعدي بما يراه مناسبا لجرمه وذنبه ، وهذا ما يسميه الفقهاء بـ " التعزير "، وله أحكام وتفصيلات كثيرة مذكورة في مطولات الفقه .
ولما كان مقصد التعزير هو التأديب ، كان الأصل ألا يبلغ التعزير إلى حد القتل بحال من الأحوال ، لكن لما رأى الفقهاء أن بعض الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة تدل على إيقاع عقوبة القتل على هذا الوجه ، كانت لهم بعض الاستثناءات التي تجيز القتل كعقوبة تعزيرية وليست حدية ، وذلك لخطر بعض الجرائم العظيمة ، ولتحقيق المصلحة العامة للدولة والمجتمع الإسلامي .
المصدر :http://islamqa.info/ar/138334
صدر حكم الاعدام تعذيراً بحق الشيخ نمر النمر في ١٥ أكتربر ٢٠١٤ ، وهو ما يعني :
أولاً: تصنيف مواقف الشيخ النمر على أنها مواقف ترقى لمستوى جرائم تهدد أمن المجتمع والدولة وتسبب الفتنة وتضر بالمسلمين.
ثانياً: إرجاء أمر إمضاء حكم القضاة بالاعدام لولي الأمر والمتمثل بالملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ، فهو الآن المعني الوحيد تقريبا وظاهريا في العفو من عدمه.
سنقف بداية مع ما قام به الشيخ نمر النمر من أعمال اعتبرها القضاء السعودي أعمالا ترقى لمستوى جريمة تستحق الاعدام تعذيرا.
كان حراك الشيخ النمر حراكا سلميا لم يثبت إلى الآن وفق تتبعي استخدامه لأي وسيلة عنفية مطلبية، بل كان رأيه جلي في رفض العنف المطلبي، فكان يستخدم الوسائل السلمية في مواجهة تعسف السلطة السعودية في حق مكون من مكونات الوطن .
أدوات الشيخ النمر كانت :
١. الخطابة : حيث كان منبر المسجد منصة يقوم من خلالها بطرح المطالب الحقوقية لمواطنين لهم حق أن يعاملوا وفق مبدأ المواطنة بالتساوي مع نظرائهم في الوطن .
منها :
-حرية العقيدة وممارسة الشعائر .
- حق استلام وظائف متقدمة في الدولة وفق مبدأ الكفاءة لا الولاء المذهبي والقبلي.
- تحرير سجناء الرأي الذين يقبعون في السجون دون محاكمة منذ سنوات.
- تقديم الخدمات المعيشية اللائقة لأهالي الشرقية خاصة العوامية .
- حرية التعبير وحرية الرأي كما جاء في شرعة الأمم.
- المساواة والعدالة وفق مبدأ المواطنة الصالحة.
- رفع منسوب الحرية وتقليص القمع البوليسي.
- الدفاع عن العوامية بالذات لما تعيشه من عزل وحرمان وفقدان للخدمات المعيشية ومعاقبتها على مواقفها المناهضة للظلم والتمييز.
٢. المسيرات والاعتصامات السلمية الرافضة للتميز والمطالبة بنفس المطالبات السابقة. وهي مسيرات رفعت بها شعارات مطلبية وخلت من مظاهر العنف واقتصرت على الهتافات ورفعت يافطات تعبر عن رأي أصحاب الحراك.
لم يسجل إلى الآن ضد الشيخ النمر أي ممارسة خارج ذلك ، وتم اعتبار هذه الممارسات جرما يستحق الاعدام.
كانت خطابات الشيخ النمر والشعارات التي يتبناها خطابات تصعيدية ضد حكام السعودية ، فكان يقرن مواجهتهم وكشف ممارساتهم مع مطالباته الحقوقية ، مما تم اعتباره جريمة لتعديه على أولياء الأمر وفق منهج المؤسسة الدينية الحاكمة في السعودية.
هل أهل الشرقية فقط من يعاني من تمييز عنصري ؟ وهل هم فقط منتقصة حقوقهم ؟
استقراء الواقع الشعبي المعيشي في السعودية يكشف أن كثير من المناطق تعاني ضنكا معيشيا حادا ، بينما تتكشف يوما بعد اليوم الهوة الطبقية في المجتمع السعودي خاصة بين العائلة الحاكمة وبقية أفرادالشعب .
وعل سجن وليد أبو الخير الحقوقي السعودي يدلل على الحساسية الشديدة لدى السلطة في السعودية من كل حراك مطلبي حقوقي يكشف حقيقة ما يعانيه أغلبية الشعب هناك ، كون السعودية دولة نفطية غنية .
إضافة لكثير من التقارير التي تنشرها المنظمات الحقوقية في الغرب حول السجون في السعودية، وحول الوضع الحقوقي فيها وأكثر من تقرير أدان السعودية ووضح بطريقة غير مباشرة من كونها دولة قمعية بوليسية.
منها التقرير العالمي في عام ٢٠١٢ الصادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش حيث قالت :
صعّدت سلطات المملكة العربية السعودية خلال عام 2012 من حملات التوقيف والمحاكمة للمعارضين السلميين، وردت بالعنف على المظاهرات التي خرج فيها مواطنون. تستمر السلطات في قمع حقوق 9 ملايين سيدة وفتاة سعودية و9 ملايين عامل وافد، أو هي تخفق في حماية هذه الحقوق. كما حدث على مدار الأعوام الماضية، تلقى آلاف الأشخاص محاكمات غير عادلة وتعرض آخرون للاحتجاز التعسفي. شهد العام محاكمات لنحو ستة من المدافعين عن حقوق الإنسان والعشرات غيرهم ممن عبروا عن آرائهم سلمياً أو تجمعوا سلمياً للمطالبة بالإصلاحات السياسية والحقوقية.
وأضافت في بند حرية التعبير والمعتقد والتجمع :
قبضت السلطات في عام 2012 على أشخاص على خلفية نشر الانتقادات السلمية والنشاط بمجال حقوق الإنسان. أدين محمد البجادي – رجل الأعمال والناشط الحقوقي – بتهمة تأسيس الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية، وأدين يوسف الأحمد، رجل الدين، بتهمة عصيان كبار رجال الدين بأن دعا للإفراج عن السجناء أو محاكمتهم. أصدر الادعاء صحف اتهام مسيسة، بينها التواصل مع منظمات حقوقية دولية، ضد عبد الله الحامد ومحمد القحطاني ووليد أبو الخير وفاضل المناسف.
وتمنع المملكة السعودية ممارسة الشعائر الدينية بشكل علني على غير المسلمين، وتمارس تمييزا متواصلا على الأقليات الدينية، وخاصة الشيعة والإسماعيليين. طالب المفتي في مارس/آذار بتدمير جميع الكنائس في الجزيرة العربية. في عام 2012 قامت السلطات باعتقالات لأفراد بسبب التعبير عن آراء دينية، بينهم في فبراير/شباط حمزة كاشغري، الذي سلمته ماليزيا إلى المملكة بسبب اتهامات بالازدراء متعلقة بحوار متخيل له على تويتر مع النبي محمد. في مايو/أيار قبضت السلطات في بلدة عرعر شمالي البلاد على شخصين بتهمة الردة، لأنهما تبنيا المذهب الأحمدي.
في يونيو/حزيران أوقف الادعاء رائف بدوي بتهمة إدارة موقع لليبراليين السعوديين، بوصفهأمرا مهينا للإسلام. بحلول أغسطس/آب كان قد تم ترحيل الرجال والنساء الـ 35 الأثيوبيين المسيحيين، الذين قُبض عليهم في ديسمبر/كانون الأول 2011 بتهمة "الاختلاط غير المشروع" أثناء عقد شعائر دينية. ويشمل التمييز الرسمي ضد الشيعة الممارسة الدينية، والتعليم، والمنظومة العدلية. عادت الاحتجاجات الشيعية مرة أخرى في أكتوبر/تشرين الأول 2011 وتصاعدت وتيرتها في يناير/كانون الثاني ثم في يوليو/تموز 2012 عندما قبضت السلطات على الشيخ نمر النمر، رجل الدين الشيعي البارز. قتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 11 شيعياً في مظاهرات منذ عام 2011. طالب المتظاهرون بالإفراج عن السجناء الشيعة وإنهاء التمييز.
وفي يوليو/تموز أفاد نشطاء بأن 100 سعودي في البريدة ونحو 12 آخرين في مول تجاري في الرياض تظاهروا للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين منذ مدة طويلة دون محاكمة. تدخلت قوات أمن الجامعة والأمن العام في مارس/آذار لوقف مظاهرة لطالبات بجامعة الملك خالد، مما خلف قتيلة واحدة على الأقل. حسب تقارير أصيبت السيدة بنوبة صرع سببها محاولة قوات الأمن إجبار الطالبات على التفرق.
لا تسمح السلطات السعودية بالجمعيات السياسية أو الخاصة بحقوق الإنسان. في ديسمبر/كانون الأول 2011 منعت السلطات الترخيص عن مركز العدل لحقوق الإنسان، ولم ترد على طلبات بتراخيص مقدمة من مؤسسة "مراقبة حقوق الإنسان" في السعودية التي سجلت في كندا في شهر مايو/أيار.
في يوليو/تموز أفرجت السلطات عن نذير الماجد المحتجز منذ أبريل/نيسان 2011 بسبب كتابات انتقادية، وأفرجت محكمة عن خالد الجهني، المحتجز منذ أن تظاهر وحيداً في يوم الغضب السعودي، 11 مارس/آذار 2011. في فبراير/شباط تم إخلاء سبيل هادي المطيف بعد احتجازه 18 عاماً، وكان أغلب هذه المدة على ذمة الإعدام، وقد أدين بالردة بتهمة إهانة النبي. قبل المفتي توبته.
http://m.hrw.org/ar/world-report-%5Bscheduler-publish-yyyy%5D/2013-2
وفي تقرير أخر مرفق المصدر جاء فيه:
"الانتهاكات بحق المطالبين بالحريات العامة وناشطي المجتمع المدني في السعودية تصل الى مستويات مرتفعة. والسلطات السعودية تأخذ من الحملة على الإرهاب أداة لتصفية حساباتها مع المعارضين والناشطين. هذا ما تخلص إليه تقارير لمنظمات حقوق الإنسان عرضت على هامش أعمال الدورة 27 لمجلس حقوق الانسان في جنيف."
http://www.almayadeen.net/ar/news/gulf-tDvO6tE8VECPCKOkAIfSPg/تقارير-حقوقية-انتهاكات-السعودية-تصل-إلى-مستويات-مرتفعة
هذه تقارير توضح الانتهاكات التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في حق مطالبين سلميين من كافة المشارب الفكرية والعقدية ، تثبت أن أي حراك مطلبي حقوقي سلمي يطالب بحقوق المواطنة التي هي واجب على الدولة توفيرها لمواطنيها ليتحقق أقل قدر من الاستقرار الاجتماعي والطاعة ، هو محل اتهام وبالتالي اعتقال وقد يصل الأمر للاعدام كوسيلة لمنع أي جهة التفكير في تقليد الآخرين في تلك الحراكات ، أي وسيلة قمعية بعنوان ديني مشرعن .
ولكن ما هي التهم الموجهة للشيخ نمر النمر؟
كما ورد في لائحة الاتهام فإن ما تم توجيهه للشيخ من تهم هو :
١- الدفاع عن المطلوبين في قائمة ال ٢٣ . وهي قائمة ضمت مجموعة أسماء لشباب اعتبروا خطرين على الدولة وأغلبهم من شباب الحراك المطلبي السلمي.
٢- إلقاء خطب تخل بالوحدة الوطنية ، وبمراجعة خطب الشيخ لايوجد فيها أي طرح مذهبي تمييزي بل جلها أطروحات مطلبية سلمية .
فالوطنية كي تتحقق لابد من إقامة لوازمها وهي أداء الدولة لواجبها اتجاه مواطنيها كي يحس المواطن بالانتماء لتلك الدولة فيؤدي بذلك حقها ، ومن حقوقها الوحدة الوطنية التي تحفظ الاستقرار الاجتماعي . فسلب الحقوق مدعاة للعقوق، وعدم توفير متطلبات المواطنة هو مدعاة للفوضى والخلل الأمني الاجتماعي.
٣- التجريح في ولي الأمر في خطب الجمعة .
٤- اعتبار أن الولاء لآل سعود يناقض الولاء لله ولرسوله .
٥- الاعتقاد بعدم شرعية نظام الحكم في البلاد.
والشرعية تكتسب من خلال عقد بين الحاكم والمحكوم تكون فيه مقبولية المحكوم للحاكم أحد شروط ذلك العقد وفق أسس الحكم العادل ، فهل هذا ينطبق على آل سعود الذين يطالبون اليوم بحق الشعوب في سوريا والعراق بالمشاركة في الحكم بينما هم يرفضون أن يفعلوا ما يطالبوا به غيرهم ؟
٦- دفاعه عن السجناء التسعة المنسيين وهم مجموعة تم اعتقالها بتهمة تفجير الخبر وإلى الآن لم تتم محاكمتهم .
٧- التدخل في شؤون دولة البحرين
وماذا نعتبر تشجيع السعوديين من قبل المؤسسة الدينية في السعودية ومن قبل جهات نافذة في الحكم للذهاب والقتال في سوريا والعراق ؟ وماذا نعتبر فتاوى العلماء في السعودية بحق دول وأنظمة مجاورة ؟ بل ماذا نعتبر ذهاب قوات سعودية إلى البحرين لقمع الثورة البحرينية قمعا عسكريا بينما الشيخ عبر سلميا عن رأيه في دعم الثورة وفق اسس حفظتها شرعة الأمم في التعبير عن الرأي .
٨- رفع خطبه على الانترنت .
٩- تأييد الهتافات التي تطلق ضد الدولة.
١٠- الدعوة لعدم نسيان الشهداء
١١- اتهام قوات الطوارئ بأنهم من قتلوا الشهداء ووصفهم بقوات إثارة الشغب.
١٢- تحريض الناس على الدفاع عن المطلوبين في قائمة ال ٢٣ .
١٣- التحريض على الخروج في التظاهرات .
١٤- وصف حكام الخليج بالظلمة .
١٥- التحريض على ضرورة إخراج درع الجزيرة من البحرين .
١٦- إظهار الفرح بعد وفاة وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز.
وجلها تهم شخصانية تقع تحت حرية التعبير عن الرأي وحرية الاعتقاد ، مارسها بشكل سلمي لم يستخدم فيها أي عنف مسلح يهدد وجود الدولة واستقرار المجتمع أمنيا .
وتقع تحت حقه في المطالبات الحقوقية والدفاع عن المسجونين وفق أطر سلمية .
بل هي تهم لا ترقى لمستوى العقوبة التي يفترض أن تكون من جنس العمل .
هذا إذا تحدثنا من زاوية حقوقية صرفة .
أما لو سلطنا الضوء على موضوع إعدام الشيخ النمر من زاوية سياسية فنستطيع القول أن الحكم سياسي تحول فيه الشيخ النمر لورقة ضغط إقليمية بيد النظام في السعودية للأسباب التالية:
١- الموضوع السوري وتداعياته حيث وضعت المملكة العربية السعودية ثقلها المادي والبشري والفتوائي في خدمة كل من يسعى لإطاحة النظام في سوريا ، وما تصريحات جو بايدن الأخيرة إلا دليل دامغ على واقع هذا الدعم والدور.ورغم كل هذا الثقل في الملف السوري إلا أنها لم تحقق أي تقدم واضح على الأرض .
٢- الملف اللبناني الذي خسر به حلفاءها رئاسة الوزراء وتم تحييدهم بالضربة القاضية من قبل خصومها في ٨ آذار.
٣- الملف البحريني وما تعنيه البحرين لها من حديقة خلفية تقع على حدودها الشرقية التي تغلي بحراكات مطلبية متكررة ، وتاريخيا هناك تأثر وتأثير بين أهل الشرقية والبحرينيين سياسيا وحراكيا إضافة لروابط النسب والمصاهرة . وحيث أن الشرقية ثقل المملكة الاقتصادي حيث آبار النفط تقع غالبا فيها إضافة لأجود أنواع التمور يتم تصديرها من هناك وهي مصدر اقتصادي مهم جدا للملكة أيضا.
٣- الملف العراقي الذي غرقت في مستنقعه وخسرت فيه مواقع متقدمة بعد وصول نوري المالكي ، الذي وفق تقارير استطاع إبعاد العراق عن محور أمريكا - السعودية وأخذها لمحور الممانعة الرافض للتقسيم ولمشروع الشرق الأوسط الجديد.
٤- الملف اليمني وتداعياته وسيطرت الحوثيين الذين تعتبرهم السعودية ذراع إيران ، وحيث استطاع الحوثيين إسقاط المبادرة الخليجية التي صادرت الحراك الثوري فيها ، وتمدد الحوثيين ليصلوا إلى منفذ بحري مهم يطل على البحر الأحمر ، وهو ما يشكل خطرا يخنقها بحريا يضاف لمضيق هرمز.
والملاحظ أن هذه الدول : البحرين واليمن والعراق دول تشترك بحدود مهمة مع المملكة العربية السعودية وتؤثر بشكل كبير في الداخل السعودي من جهة، وفي الواقع الاقليمي من جهة أخرى نتيجة الدور الإيراني المتقدم فيها ، إضافة للأهمية السياسية المؤثرة في موقعها الجغرافي لكل من سوريا ولبنان في الصراع الممتد تاريخيا بين المدرسة الوهابية المتحالفة مع آل سعود ومدرسة الاخوان المسلمين المتحالفة حاليا مع الأتراك أصحاب الخلافة العثمانية التي واجهت آل سعود تاريخيا وحجمت من أدوارهم وتمددهم .
إذا مع هذه الظروف السياسية الإقليمية ، يتضح صراع الوجود والوظيفة الذي تخوضه السعودية ضمن محورها وتحالفاتها مع أمريكا والغرب ، ضد إيران وحلفائها كروسيا وسوريا والصين ، فحلف يناهض الشعوب رغم شعارات التحرر ويسعى للهيمنة وبسط النفوذ، ويشيع الفوضى بكل مصاديقها وأخطرها الفوضى المذهبية من خلال الدعم اللوجيستي والمادي لداعش وغيرها من الحركات المتطرفة، ويبتعد حتى عن الإدانة اللفظية للكيان الصهيوني حتى حينما يمعن في قتل الغزاويين ، وحلف يسعى للتحرر الحقيقي ويوجه بندقيته باتجاه الكيان الصهيوني ، ويرفض عمليا كل محاولات الاقتتال المذهبي بل يمضي في دعم حركات التحرر المقاومة والمنهاضة للامبريالية العالمية.
وأحد الأدلة على الضغط السياسي هو تصريح وزير خارجية السعودية سعود الفيصل ضد إيران المفاجيء، رغم شياع جو إيجابي سابق بين الدولتين بعد إعلان زيارات متبادلة بين البلدين، في ليلة سابقة ليوم الحكم على الشيخ نمر النمر، ثم تلاه في اليوم التالي إصدار الحكم بالإعدام على الشيخ.
وهو ما يعتبر مؤشر مهم في تسيس الحكم وتحويله لورقة ضغط إقليمية تضاف للورقة النفطية التي استخدمتها السعودية من خلال إغراق السوق بالنفط ، للنزول بسعر البرميل لأسعار تشكل خطرا اقتصاديا ضاغطا على روسيا وإيران المحاصرة إقتصاديا.
فمذابح البشر باتت ثمنا لصفقات السياسة ، لذلك نحتاج حراكات حقوقية عالمية تضغط للافراج عن الشيخ النمر، ومطالبة السلطات السعودية بالنأي بالقضايا الإنسانية عن المساومات السياسية، وحراك إقليمي ضاغط يمنع تحويل الشيخ النمر لورقة سياسية ضاغطة يساوم بها مع الآخرين، وكأن حياة رموز كهؤلاء هي ملك لولي الأمر يفعل بها ما يشاء وبتسهيلات فتوائية من المؤسسة الدينية من وجهة نظر مدرسة لا ينتمي لها الشيخ نفسه، ويختلف معها في تشخيص ماهية ولي الأمر أولا، وشخص كانت تهمته حراكه المطلبي في الدفاع عن المظلومين والمطالبة بحقوق المواطنة ثانيا.
السكوت عن إعدام رمز ديني كالشيخ النمر ، هو تأسيس وتعميق لسياسة تكميم الأفواه، ورضا بهيمنة مدرسة دينية في التشريع والتشخيص بطريقة إقصائية جبرية سياسيا واجتماعيا، وهو انتهاك واضح لحق المواطنة الذي تدعيه المملكة بحق شعبها.
فلا طاعة لولي أمر لا يؤدي واجباته اتجاه شعبه،ولا طاعة لولي أمر لا يوجد له مقبولية ضمن عقد بين الحاكم والمحكوم، في وقت يطالب به ولي الأمر ذاته بحق شعوب أخرى في اختيار حاكمها والنظام الذي يدير وطنها.
* إيمان شمس الدين : كاتبة وباحثة
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |