(إلى الإمام الحسين عليه السلام)
فبما يحدثك البريق الأحمرُ
مابين آخر لحظةٍ شهق المساء على يديها ،
و انبرى وجه الصبيحة هادرا في خافقيها ،
و التماع المقلتين لما يخضّب وجه ماضيك السحيق
إلى قوادمك القريبة يعبرُ ..
***
القطر يهطل حين تفتتح الزهور حجورها
و تبتّل الأحزان في أقداس صدرك ،
ليس يحفظ غير ملحمة الحريق ..
أراك تشهر وهج بسمتك السعيدة بين زمجرة الطبول ،
فهل أتاك حديث خائنة النصول ؟
و هلَّ طير الله وحياً من رسالات البريق ؟
***
إلى عوالمك الخفيّة
كنت تعلو صهوة الزمن المجنّحة العليّة
أيها الشمس المخضّبة الجليّة بالقدوم و بالرحيل ..
أضاق صدر لسان أرضك
من قوافل مفرداتك تحت زوبعة الخيول
فعرّجت جدليّةً تهفو لجنحي جبرئيل ؟ ..
***
رأتك رفرفة المواضي ، عند مهد إباك في حِجر المنيّة ،
خفقةَ الوحي المنزَّل حاملاً صحف السماء اللازَوَرد
و جاء حاضر كبريائك من تخوم السمهريّة ، حائراً
إذ كيف ترجمت الهوادر من وريدك أبجديّة ؟!
مرسلاً خيل التواريخ القوادم نحو أبواب القيامة
من مزاليج – الأبدية ..
***
الظّما كان المسلّمة الوحيدة في لسانك ،
و الفرات مجمّعٌ أطراف ثوبهِ
و المسافة من أمامك ، ترتدي ثوب المُحال ..
و عين غيرتك البعيدة عن محيطات المنام
تسابق النبل المشعّب نحو أسرار الخيام !
و من تعاليم النهارات الظِلام ،
مؤوّلاً ، أنشدت أبيات السّجال !
***
أكنت تصغي لابتهالات السيوف ، من البياض على لسانك ؟
إذ كشَفت النحر نهراً ، و الحتوف نوارسٌ
ما بين أشرعة الخلائق ،
في محيطات الزنابق – حُمرِها ..
كانت تطوف ..!
***
و قلتَ ، تأتلق الجواد إلى المكانات الفسيحة
في مجاهل لا نهايات الغيوب
على المبادئ و التعاليم الطريحة
و الجيوب ، عليك تثبط عزمها ..:
يا رافع السبع السماوات الشداد ،
و من جحيم الأرض ترتفع السماء الثامنة !
بين البيارق و الصفيحات الجريحة !!
***
و ارتفعتَ ، و كان طائرك الرضيع أمام عينك ،
مسبلاً جفناً ، و جفنٌ كان يعتنق الفرات ،
و حيث جسم النهر يسلم خصره للسّاعدَين ،
بدا كغصنَي نخلة الصوحان ،
و الجذع المشعّ قد انبرى مابين غيمة نبلةٍ مرّت
و مقبلةٍ .. و آت !
***
على صدى صوت المراثي
ردّ إيقاع الجواد إلى متاهة ركب أمّتك الشريدة
كنتَ لمعة دمعةٍ حمراء تختتم الدروب ..
أراك نقطة بدءها ،
و تلوح بارقة الختام مع النهايات البعيدة ..
ما برحتُ أروم أطراف السماء
مع المساء ، على براق قصائدي ..
و صدى صياحك لا يزال مجالساً سمعي
و نحرك لا يزال مكفكفاً ظمأ السيوف ..
على أراجيح الحتوف ..
***
أسير نحوك مطبقاً جفنيَّ ، أعتنق الرصاص ملبّياً ،
و بإصبعٍ يهوى مصافحة الزناد
أميط ليلاً من ظلامات الوشاح عن الرماد ،
و بؤرة الدرب الوحيدة
فجر رمزك ، بين أشرعة السماوات القريبات الجديدة ..
* محمد صالح صرخوه / شاعر وأديب كويتي
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم.
|