أشتاقكِ يا أُمّي
إلى روح أُمّي ... خُلاصة الزهد وروح الحنان، التي كانت حياتي بالنسبة لها؛ كلها تعب ... ووجودها بالنسبة لي كله نور .
محمد حسين بزي
عندما تنطفئُ الحكاياتْ
ويبلغُ الموتُ مداه
ثمةَ ملاكٌ يوقظُ الغيبَ
وتبدأُ مِنْ جديد حكايةْ..
***
تلهو بأنظارِ السواقي
وتستريحُ بظلِّ الله
ورشحاتِ الملكوتْ
***
بستانُ الأُمِ يُظلّل كلَّ البهاءْ
كمْ كانت الحكايةُ جميلةً يا أُمّي
وكمْ ظلَّلَنا بهاءُ الله في "الناسوتْ"
***
وكمْ كنتُ يومَها جميلاً
وكمْ كنتُ يومَها طفلاً
أحبو في قبتكِ المقدسةْ
بين النورِ والماءْ
قبل أن يُبَكرَ اليُـُتمُ بأيامْ
ويكبُرَ فيَّ سريعاً
سرعةَ صوتِ السماءْ
***
ليس لي بعدكِ من سماءْ
ولا نداءْ
أنواءٌ تُفضي إلى أنواءْ
غربةٌ تهربُ منها الغُربةْ
ونهرٌ غادرهُ الماءْ
***
بَعْدَكِ:
من سيزرعُ حقلنا باللوزِ والحنانْ
ويخبئُ الفجرَ من كل يومٍ
ويجمعُ غلةَ الضوءِ الأولْ بصحيفة الأقحوانْ ؟
***
من سيُهدهدُ الشمسَ بالدعاءْ
حتى تغفوَ في حضنكِ المهيبْ ..
وتَستَحِم الغُدرانْ ؟
***
من سيخبزُ قمحنا بالمساءِ الأرجوانيّ
لتأكلَ نهاراتُـنا الخبزَ والشعرَ والعنفوانْ
***
من سيروي حكايا بنتَ جبيلٍ للسّمَرْ ؟
وقصص العاشقين للقمرْ ؟
ومن سيعدُّ معي نجماتِ نيسانْ
وأيام عمري
ومنازلَ القمرْ ؟
منْ سيحرث الليل بالسجودْ ..
ويزرع سماء الله شجرْ ؟
***
من سيقول لي:
اذهبْ .. فالله معكْ
ويودعني بالأنفاسِ المبتهلة لله
حتى تنعدمَ الرؤيةُ إلاَّ عن وجهكِ الكريمْ ؟
***
أُمّي..
منْ للحياةِ بعدكِ ؛ ومنْ للمحرابْ ؟
تيتمتْ والله الصلواتْ
والمناجاة نفضت عباءة الصوفْ
وبكتْ مُهَجُ الدعواتِ ابتهالاتِها البِكرْ
***
أُمّي ..
يا كلمةً ألقاها اللهُ للجَنَّةِ فسجدتْ تحت قدميّكِ
فطابَ لها السجودْ
وطابَ لها الشهودْ
وطابَ .. وطابَ بها الوجودْ
***
أُمّي ..
إبراهيمُ قامَ بالمحرابْ
والبيتُ طافَ بالكتابْ
هلْ تنظرين؟
***
أُمّي ..
سنلتقي دونَ وَجَلْ
ونفنى على عَجَلْ
هلْ تعرفين؟
***
أُمّي ..
سنغفو بصحوةِ القَدَرْ
ونصحو بغفوةِ العُمرْ
هلْ تعلمين؟
***
أُمّي ..
لكِِ الله ؛ ما أجملكِ
حتى في الموت تفرحين !
أيَّ سِرّ أودعكِ الله
وأيَّ قرارٍ مكينْ ؟
***
أنتِ في حضرةِ الصمدْ
وأنا أشتــاق الأحـدْ
فلا تجعلي انتظاري بعدكِ طويلا
فأنا أشتاقكِ يا أُمّي
أشتاقك..
أشتاقكِِ ؛ وأُمّـي
يـــا أُمّي .
بيروت 4/4/2009 م.
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |