ودَخـَلـْـتُ الحَـضْـرَة َ وَحـْـدِي...
لا أدْري مَـا سِـرُّ الضـَّـوْءِ الطـَّالِـع ِ في عَيـْنـَـيَّ
كـَشـَمْـس ٍ تـَنـْبـُـعُ مِـنْ أرْض ٍ لِسَمَــاءْ!
لـَـمْ أُبْصِـرْ في عـُمْـري شـَمْـسَـاً بعَـمَـامَـة ْ...
مَا بَالي أشْعـُـرُ أنـِّي أدْخـُـلُ غـَارَ حِـرَاءْ...
والشـَّمْـسُ تـَخـَفـَّـتْ خـَلـْـفَ غـَمَـامَــة ْ...
وأنـَا لا أدْري هَـل أتـَقـَدَّمُ نـَحْـوَ الشـَّمْـس،
أم ِالشـَّمْـسُ الـسَّـمْـرَاءُ
بَـدَتْ تـَتـَقـَـدَّمُ نـَحـْوي باسْـتِـحْـيـَـاءْ...؟!
ونـَظـَـرْتُ لـذَاكَ الـفـَارس وهْـوَ يَـشـُـدُّ لِـثـَامَـهْ...
فـَتـَكـَثـَّـفَ بَعْـضُ ضَبَـابِ الرَّهْـبَـةِ
فـَـوْقَ زُجَـاج ِالرُّؤْيـَـةِ
حَـتـَّـى غَـيـَّـرَ مِـنْ شـَكـْـل ِالأشـْيَـاءْ...
لـَكِـنَّ حُضُورَ السَّـيِّـدِ يُضْفِـي الصَّـفـْـو عَلى الأجْـواءْ...
ونـَظـَـرْتُ لـَـهُ...
فـَوَجَـدْتُ الوَقـْـتَ يَعـُـودُ إلى المَاضِـي
لأرَاهُ كـَتِـلـْمِـيـذٍ لا يَـرْفـَـعُ إصْبـَعَـهُ
إلا كـَيْ يـُبْـهـِـرَ أُسْـتـَاذاً ويَـفـُوقَ بـِمَـنـْطِـقِـهِ الزُّمَـلاءْ...
ويَمـُـرُّ الوَقـْـتُ
فـَيَـكـْبـُـرُ حَتـَّـى أبـْصِـرَهُ كالشَّـاعِــر
لـَمْ يَجْهَرْ بقـَصَائِدِ حُبٍّ أوْ بـِقـَصِيدِ هِجَاءْ...
ويَمـُـرُّ الوَقـْـتُ لأُبـْصِـرَهُ
رَجـُلاً يُخـْفِـي العـَضَـلاتِ
فـَلا يَـتـَشـَاجَـرُ إلا مِـنْ أجْـل ِالضُّعـَفـَـاءْ...
ويـَمُـرُّ الوَقـْـتُ
لأُبْـصِـرَهُ في هَـذي الـَّلحْظـَـةِ كالأسَـدِ الجَبـَّـارِ
ولـكِـنْ...
يُهْـدي الحُـبَّ إلى الأشـْبـَـال ِ كـَنـُـورٍ في الظـَّلـْمَـاءْ...
يَعْـلـُو فـَـوْقَ الهَـامَـاتِ ولـَكِـنْ
مِـنْ دُون ِاسْـتِـعـْـلاءْ...
فـَنـَوَيـْـتُ الشِّـعـْــرَ
ولـَكِـنْ...
دَخـَلـَـتْ في الحَـضْـرَةِ بَعـْـضُ ثـَعَـابـيـن ِالصَّحْـرَاءْ...
قـَالـوا مِـنْ دُونِ حَيَـاءْ:
" فـَلـْنـُقِـمْ حَـــدَّ الحِـرَابـَـة ْ
ذَاكَ شـَتـَّـامُ الـصَّــحَــابَـة ْ"
فـَفـَزِعْـتُ كـَمَا طِفـْـل ٍ
يَـتـَعَـرَّفُ مَعْـنـَى المَـوْتِ - بـِـدُون ِ مُقـَدِّمَـةٍ -
بـِوَفـَـاةِ جَمِيـع ِ ذَويــه ْ...!
ونـَظـَـرْتُ إلى السَّـيـِّــدْ...
فـَإذا بـِـذِرَاع ِ السَّـيـِّـدِ قـَـدْ ألـْقـَـتْ بـِعَـصَـا...!
(فـَإذا هِـيَ تـَلـْقـَفُ مَـا يَـأفِـكـُـونْ)!
وبـَدَأْتُ بـِشِـعْــرْ:
يـَا صَانِـعَ النـَّصْـر ِالمُبـيــنْ
يَـا مَـنْ نـَصَـرْتَ المُـسْـلِمـيـنْ
فـَأجَـابَ الـسَّـيِّـدُ وهْـوَ يـُحَِـلـِّـقُ
بَيـْـنَ الغـَضْـبـَـةِ والحِـلـْمِ:
" لا تـَرْفـَعْ أصْنـَامَـاً كـَيْ لا تـَضْـطـَرَّ بـِيَـوْم ٍ تـَهْـدِمُهَـا!"
فـَوَجَـدْتُ لِـسَـانِـي فـي حَـلـْقِـي قـَدْ ثـُبـِّـتَ بالأوْتـَادْ!
لـَكِـنْ أكـْمَـلـْـتُ لـُحُـونَ الـشـِّعـْـرْ:
يـَا صَانِـعَ النـَّصْـر ِالمُـؤَزَّرْ
يَـا أيُّـهَـا الأسَـدُ المُـزَمْجـِـرْ!
فـَوَجَـدْتُ الـسَّـيـِّـدَ يـُكـْمـِـلُ سَـيـْـلَ تـَدَفـُّقـِـهِ ويَـقـُـولْ:
" لـَمْ يَخـْتـَـرِع ِ العَـدْلَ القـَاضِـي...!
لـَمْ يَخـْتـَـرِع ِ الشـِّعـْـرَ المُـتـَنـَبـِّـي...!
لـَمْ يَخـْتـَـرِع ِ إلا ظـْـلامَ الليْــلُ...
ولا الإصْـبَــاحُ بـِمُخـْـتـَـرِع ٍ لـلـنـُّــورْ...!
لـَمْ يَخـْتـَـرِع ِ السِّـكـِّيــنُ الـقـَتـْــلَ...
ولا الأحْـجَــارُ الــدُّورْ...
لـَمْ يَخـْتـَـرِع ِ الإنـْسَـانُ العُـمـْـرْ...
وكـَذَلِـكَ لـَيـْـسَ صَلاحُ الدِّيــن ِ
بـِمُخـْتـَـرِع ٍ للنـَّصْرْ...!"
فـَوَجَـدْتُ لِسَانِي في حَـلـْقِـي قـَـدْ ثـُبـِّـتَ بالأوْتـَـادْ!
لـَكِـنْ جَمَّعـْـتُ قُـوَايَ وقـُلـْـتْ:
" مَاذا في قـَوْمِـكَ غـَيْـرُ الـنـَّـاسْ ؟
مَـاذا غـَيـَّـرْتَ بـِهـِـمْ ؟ "
فـَتـَبَـسَّــمَ يـَضْـحَـكُ ثـُـمَّ أجَــابْ:
لـَمْ نـَفـْعـَـلْ شـَيْـئـَـاً يَـا وَلـَدِي
غـَيْـرَ التـَّأكِيـدِ عَـلـى أمـْـر ٍ مَـوْجـُـودْ!
الـثـَّـأْرُ لـَـهُ عُـمـْــرٌ...
والـثـَّـأْرُ لـَـهُ أطـْـوَارٌ لـَيْـسَـتْ تـَخـْضَـعُ للنـَّاسُــوتْ...!
قـَدْ كـَانَ الـثـَّـأْرُ بـيَـوْم ٍ طِفـْـلاً
يَحْبـُو مِـنْ فـَـوْقِ التـَّـابـُـــوتْ...
وبـِيَـوْم ٍآخـَـرَ شـَـبَّ وصَـارَ مُـرَاهِـقَ أرْعَـنَ
يَـفـْتِـلُ شـَعْـرَ شـَوَاربـِـهِ ويُـلـَـوِّحُ بالـنـَّبـُّــوتْ...!
واليَـوْمَ الـثـَّـأْرُ غـَـدَا رَجُـلاً يَـتـَكـَلـَّـمُ بالمَسْـكـُـوتْ...
ويُـنـَفـِّـسُ عَـنْ ظـُلـْـم ٍ مَـكـْبـُـوتْ...
الـثـَّـأْرُ بـأرْضِـي يَـا وَلـَـدي
لا يَهْـرَمُ رَغـْـمَ العُمْـر ِولـَيْـسَ يَـمُـوتْ...!"
فـَسَـألـْـتُ:
" لِمَـاذا يـُهْـزَمُ جَـيْــشٌ في أرْضِـي
أقـْوى مْنْ جَـيْـشِـكَ يَـا نـَسْـلَ الأحْـبَـابْ ؟"
فـَأجَـابَ:
" تـَذَكـَّـرْ أنَّ كـَثِـيـرَاً مِـمَّـنْ مَـاتـُـوا غَـرْقـَى
كـَانـُوا سَـبـَّاحِـيــــنْ!
وتـَذَكـَّـرْ أنَّ كـَثِـيـرَاً مِـنْ جُبـَنـَـاءِ الأرْض ِ
تـَرَاهُـمْ مَـفـْتـُولِـي العَـضَـلاتِ وجَـبـَّاريـنْ!"
فـَسَـألـْتُ:
" لِمَاذا أنـْتَ الصَّامِـتُ تـَفـْعَـلُ دُونَ كـَثِـيـر ِكـَلامْ ؟ "
فأجَابَ
" بـأنَّ رَوَائِـحَ حَـقـْـل ِ زُهـُـور ٍ
أضْـعَـفُ مِـنْ كـَـوْم ٍ لِـقُـمَـامَــة ْ!"
وسَألـْـتُ بـِصَـوْتِ الـقـَلـْـبْ:
" هَـلْ هُـمْ أذْكـَـى مِـنـَّـا ؟ "
فـَأجَـابَ
"بـأنَّ ذَكـَاءَ الخَصْـم ِ
تـَجَـلـَّى في إخـْفـَـاءِ غـَبَـائِهْ!"
وسَـألـْـتْ:
" مَـا سِـرُّ تـَفـَوُّق ِ جُنـْـدِكَ
يَـا مَـنْ لـَسْـتَ مِـنَ العَـسْـكـَـرْ ؟"
فـَأجَـابَ:
" مَـنْ كـَانَ شـُجَـاعَـاً يـَشـْحَـذ ُ سَـيْـفـَـهْ...
مَـنْ كـَانَ جَـبـَانـَاً دَوْمَـاً يُعـْنـَى بالدِّرْع ْ...
مَـنْ كـَانَ حَـكِيمَـاً يَـنـْهَـضُ للإثـْـنـَيـْـنْ...!"
فـَجَـمَـعْـتُ جـُيـُوشَ اسْـتِـفـْهَـامَـاتِـي
ثـُـمَّ نـَطـَقـْـتُ وقـُـلـْــتْ:
" قــُـلْ لِـي باللهِ عَـلـَيْــكَ إذَنْ...
مَـاذا في تِـلـْـكَ الحَـرْبِ فـَعَـلـْـتْ ؟"
فـَأجَـابَ:
" بـِعـَــوْن ِاللهِ وقـُـوَّتـِـهِ أوْقــَفـْـنـَـا بَـنـْدُولَ الـذُلّ ْ
الأُمَّـة ُ خَـاضَـتْ مَعْـرَكـَـة ً تـَمْـتـَـدُّ عَلى الأعْـوَام ِ
كـَمَا السَّـرَطـَـان ِ تـَحَـكـَّـمُ فـيهَـا سَـاعَـة ُ رَمـْـلْ...
وبِـِعَــوْن ِاللهِ قـَلـَبْـنـَـا الـسَّـاعـَـة ْ...
فـَابـْـدَأ بـِحِـسَـابِ البَـاقِـي مِـنْ عـُمْـر ِالأعـْـدَاءْ...!"
فـَنـَهَـضـْـتُ أُقـَبـِّـلُ رَأسَ إمَـامَ العِـزَّةِ
في زَمَـن ِالخِـذْلانْ...
فـَأبَي أنْ أفـْعَــلَ...
ثـُـمَّ تـَحَـوَّلَ صُبْحَـاً يَـأخـُذُنِـي بـِضِيـَاءٍ مِـنْ أحْـضَانْ...
وقـُبَـيْـلَ خُـرُوجـِـي لاحْتْ لِـي رُؤْيَـا
تـَتـَـرَاقـَـصُ كالأغـْصَــانْ...
أنـَـا مَـا جَـالـَسْـتُ سِـوَى طـَيـْـفٍ لِـشـَهـِيـــدْ...!
لأَحِـبـَّـةِ بـَيـْـتِ رَسُولِ الأُمَّةِ لانْ...
وعَلـى الأعْـدَاءِ حَـدِيـــدْ...
فـَرَجَعـْـتُ أُهَـرْوِلُ...
أهْـتـِفُ...
أصْـرُخُ في كـُـلِّ الآذَانْ:
"بـَشـَّرْتَ "نـَصْرَ اللهِ" بالنـَّصْر ِاقـْتـَرَبْ
وأذَقـْتَ أعْدَاءَ الجَنـُوبِ مِنَ العَجَبْ
بُورِكـْتَ يَا نـَسْـلَ الحُسَيْن ِقـَصَائِـدي
تـَرْنـُو إليْكَ وبَحْرُ أبْيَاتِي اضْطـَرَبْ
عَجَزَتْ صَوَاريخُ اليَهُودِ ولـُؤْمُهَا
عَنْ أنْ تـَمَسَّـكَ رَغـْمَ أطـْنـَان الغـَضَـبْ
وبَنـُو العُمُومَةِ حِقـْدُهُمْ مُتَرَبَّـصٌ
فـَاحْذرْ بـِرَبِّـكَ مِنْ صَوَاريخ ِالعَرَبْ!"