حوار وقصيدة مع الأبنودي
أجرى الحوار الإعلامية: بثينة كامل
بتاريخ 9/11/2006 في مستشفى الشرطة / العجوزة / القاهرة.
فناننا العزيز عبد الرحمن الأبنودى ، الحمد الله على سلامتك
سلمكِ الله
كنا نود أن تكون معنا في بنت جبيل في يوم الشهيد، فالكل ينتظرك هناك، ولذا كان لا بد لنا من أن نأتي لزيارتك هنا في المستشفى نعلم أنه لو كان الأمر بيدك لما سمعت للأطباء ولأتيت معنا إلى بنت جبيل، ولكن صحتك غالية علينا.. فجئنا لتكلم الناس هناك فهم الآن معك..
علاقتي أنا وزوجتي وأبنائي ببنت جبيل علاقة تاريخية، فنحن دائما نذهب إلى بنت جبيل. في أثناء العدوان الإسرائيلي كان كل هم بناتي هو المنزل الذي كن يأكلن فيه ويسمعن فيه الزجل اللبناني والمطربين اللبنانيين القرويين العظماء.. كان أهل البلد يحتفون بنا احتفاء كبيرا..
وهذا بغض النظر عن هذا الاحتفال، والخاص بيوم الشهيد والذي تعده هيئة بنت جبيل الخيرية الثقافية، وخاصة أن محمد حسين بزي رئيس الهيئة هو أخي، بل بني، فهو دائما يتصل بي بصفة مستمرة. في هذا الوقت يعلموا جميعا أنني كنت سأسافر للسودان، وقد غيرت الوعد وكانت الرحلة مهددة بالإلغاء، فقط من أجل أن آتي إلى بنت جبيل.
منذ وقت قريب كنت في الضاحية الجنوبية وقدمت أمسية شعرية وسط الأنقاض، تلك المأساة العظمى التي حدثت في العالم العربي والتي ليس لها نظير من حيث غدرها وشرها وشكل الدمار الذي تركته. وكان ذلك بدعوة من أخي قاسم الطويل.
وكانت من أمنياتي أن أزور بنت جبيل وأخوض هذا الطريق الوعر إلى الجنوب، والذي دمره الشر الإسرائيلي والذي ينتصب على نواصيه صور الشهداء وأسماؤهم حيث سقطوا أثناء القتال..
ومن يومين فقط اتصل بي محمد وقال لي أن الناس تنتظرني وأن هناك لافتات ترحب بي، قلت له نحن أهل، ولا حاجة لذلك.. وإذ بي بعدها فجأة لا أستطيع الإمساك بالأشياء أو أن أحرك رجلي، فأيقنت أنها شبه جلطة وتوجهت بي زوجتي إلى المستشفى. وأصر الأطباء على بقائي هنا تحت الملاحظة المستمرة.
فأنا الخاسر، وأنا الحزين، وأعد بأن أعود إلى بنت جبيل لعقد احتفال خاص إن شاء الله..
نحمد الله أننا اطمأنينا عليك وطمأنّا كل الذين يحبونك وينتظرونك. ماذا تقول لهم؟
أقول لهم نحن أهل وأبناء قضية واحدة، بلد واحد، وهدف واحد. وتعلمين أنني عشت في السويس خلال حرب الاستنزاف ما بعد النكسة، وكنت آخذ زوجتي وأبنائي وأريهم العدو الإسرائيلي على بعد خطوات، ونرى ليلا المخيمات الإسرائيلية وهى مضيئة. فالأمر يؤلمني كثيرا. وأنا أعد بأنني لا بد وأن أعد إلى بنت جبيل وأن أقيم أمسية شعرية هناك، وهذا من أجل نفسي. فهو شرف كبير لأي شاعر أو فنان أن يدعى إلى هذه المدينة الباسلة، والتي تذكرنا بستالينجراد وببورسعيد والسويس، وبكل البلاد التي ناضلت وحاربت أعدائها.
في محبة شهداء لبنان، نحب أن نسمع منك قصيدة أنا المصري
كانت هذه القصيدة رد فعل سريع للموقف الذي أخذه معظم الحكام العرب، حيث قالوا كلاما متسرعا ولا يليق بحكام. فقد تغافلوا عن هذا المجد العظيم الذي حققه شعب لبنان في الجنوب، وهذه البسالة النادرة وخوض الموت بهذا الإيمان وهذه العقيدة الرائعة.. وأنا أعتبر حرب الجنوب اللبناني هي من أهم أرصدة حروب الأمة العربية. وهي تحية لهم وللقائد العظيم السيد حسن نصر الله.
أنا المصري
أنا المصري كريم العنصرين
سليل المخلصين المؤمنين
وحامي الأمة في وقت الشدايد
وشقّاق السكك للواردين
ودمي ملك ليكم أجمعين
أنا المصري كريم العنصرين
أنا المصري كريم العنصرين
فقدت العقل والصوت والإيدين
وبعد ما كنت وقفة وروح ونجدة
مانيش عارف نسيت ده كله فين
ومين اللي سلبني اسمي؟ مين؟
أنا المصري كريم العنصرين
وكنت أصرخ
أطفي النار بصوتي
ويحيي أمتى فى الشدة موتي
فمين اللى كتب عاري في جبينى؟
ومين اللي سرق شعلة سكوتى؟
وأنا اللي غُناي صحا العالمين
أنا المصري كريم العنصرين
أنا متباع
ماهيش عادتك يا وطني
عدو لعدو
ومين ما قبضش ثمني؟
صبى البقال يتاجر في الضماير
وأحلى عمري ضاع مستني زمني
بقينا بصمت موتنا مكتفين
أنا المصري كريم العنصرين
كأن الوحل شدّ الرجل مني
أنوح وأبكي وأنا قاصد أغني
واقفين عالشطوط بأيادي سودا
محال حيغرقوني غصب عني
ولو نصبوا في قلبي 100 كمين
أنا المصري كريم العنصرين
بنيتها من الهرم للسد
يدي بنيتها كلها في لحظة تحدي
وكنت زعيم نبيل
ما بين جيفارا وتيتو وكاسترو
ونهرو وغاندي
ومش محتاج أقول أنا كنت مين
أنا المصري كريم العنصرين
وكنت أخطب تصيب الدنيا ربكة
ومن لبنان يعود أسطول أميركا
ولينا في الوجود كلمة ومكانة
وأخوة في الأمل
دمعة وضحكة
ورقابينا الأبية مرفوعين
أنا المصري كريم العنصرين
وجونا اللي رمونا للمهالك
تقول لأ
يقولولها: وأنتِ ما لك؟
نقول لبنان أحبابنا الأعزة
يقولوا يغوروا
وتغوروا كذلك
نسيت من همي أبقى ازاي حزين
أنا المصري كريم العنصرين
بعنا كل شئ يتباع بدقة
بشفافية
ومن غير أي سرقة
ونظرنا لعلم النهب
صرنا بننهب ل شئ لكن برقة
بقينا دكاترة وسط النشالين
أنا المصري كريم العنصرين
وده يسلم لده
والعصر فاجر
وتاج حنت
سلمنا لتاجر
وأم الأمة مصر الإنسانية بتتآمر
وبتداري الخناجر
وكنت النجدة
واستنجد بمين؟
أنا المصري كريم العنصرين
وكنت أصرخ وكان الكل يسمع
وأمد الإيد عدو الأمة يرجع
وجاني النطع يؤمرني يشخط
وخلاني بقيت فى الحق أنطع
أنا اللي نت أصحي الغفلانين
أنا المصري كريم العنصرين
وكانوا يقولوا: مصر
الشمس تطلع
وتعلا رقابنا فوق وعيوننا تلمع
وكنا نشيل قلوبنا فوق كفوفنا
وبصدورنا نواجه أي مدفع
فمين ساعدنا عالوضع المهين؟
أنا المصري كريم العنصرين
وازاي النهاردة الدم عومي
مقلقل صحوتي وساكن في نومي؟
دمانا بتشتعل في أرض غزة
ولبنان ناره ماسكة فى هدومي
وأنا اللي في الأسى واقف ما بين
أنا المصري كريم العنصرين
ولولا الأنظمة العربية لامت
وفي صفوف العدو حتكون وكانت
ما كان الموت عرف صور ولا قانا
ولا كانت قيامة الغدر قامت
ولا قلب العرب بيّت حزين
أنا المصري كريم العنصرين
وناس لبنان بترحل من جَنوبها
ونوم الليل ما بيعرف جُنوبها
سطور النمل زاحفة للملاجئ
وريح الخونة ما هدّت هبوبها
ألوف راحلين في قلبي مذعورين
أنا المصري كريم العنصرين
فيا لبنان.. أنا أول من خانوك
يا حزب الله حكامنا باعوك
ياصاحبي ما عدا نملك غير هتافنا
هتافنا مرّ مالى رقابنا شوك
وعلني بنفعل الفعل المشين
أنا المصري كريم العنصرين
يا نصر الله
ده زمن البياعين
وأنت طلعت للأمة منين؟
تفكرنا بكل اللي نسيناه
أظنه صعب يصحوا الميتين
وخليتنا الجميع متفرجين
أنا المصري كريم العنصرين
مازال نفس العدو
ومازال خبيث
أبونا مات وسابهولنا وريث
ومهما يلف ويدور رح يغور
واسأل عندنا بيوت السويس
حلاوة روح وحياة الحسين
أنا المصري كريم العنصرين
بقت رايتك خلاص رمز لجهادك
بقت رمز المقاومة في بلادك
ولبنان كلها بايتة في ضميرك
خلاص صبح الجهاد ماءك وزادك
لغير المسلمين والمسلمين
أنا المصري كريم العنصرين
بلاد الأمريكان احنا وصهاينة
وصمتي عاللي حاصل كله معنى
مازال الحلم لا مفارق دمايا
على رغم اللي عاشوا طعنة طعنة
يا لبنان الكرامة لا تلين
أنا المصري كيم العنصرين
ويا لبنان ما تطفيش نار نضالك
رجلك، حتى لو ماحناش رجالك
بحور الدم ما تغرق حقوقك
ولا تكسر مجاديف احتمالك
حبيبك
بس مش قادر أعين
أنا المصري كريم العنصرين
عبدالرحمن الأبنودي شاعر مصري ، ولد في قرية أبنود في محافظة قنا في صعيد مصر عام 1938 ، و يعدّ من أشهر شعراء الشعر العامي في العالم العربي ، شهدت معه وعلى يديه القصيدة العامية مرحلة انتقالية مهمة في تاريخها .
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |