علَّمتني أُمي
بقلم:محمد حسين بَزِّي
5/4/2008 بيروت
علَّمتني أُمي أن لا أسألَ إلاَّ السيوفَ والبنادقْ
وأنْ لا أهادنْ
ولا أداهنْ
ولا أناشدْ
علَّمتني أُمي أن للسيفِ ربّاًً واحداً
هو الدمْ
وأنَّ للبندقية عشقاً أبدياً لا يفقهُهُ إلاَّ رجالٌ غادروا أبدانَهمْ
وعلَّمتني أنَّ الحكايا لا تُروى إلا تحتَ خيمةِ المطرْ
وأنَّ للهِ قبةً من شجرْ
فيها يسكنُ الثوارْ
يومَ تظمأُ بساتينُ الليمونْ
وتحنّْ
فتشربُ من دمِ الثوارِ ثائراً بعد ثائرْ
هناك تنامُ أولُّ الحكايا
وتشرب ظمأها المنايا
ظمأُ البساتينِ غريبٌ عجيبْ
وكذلك الثوارُ والياسمينْ
علَّمتني أُمي أنَّ الليلَ أنيسُ العشاقْ
وأنَّ العشقَ الحلالَ مهرُهُ السهرْ
وعلَّمتني أنَّ للنجومِ كتاباً أولُهُ قمرْ
وأوسطه قمرْ
وآخره قمرْ
علَّمتني أُمي أنَّ بعضَ الورودِ لا تغفو إلاَّ منتصبةَ القامةْ
وأنَّ في الجنوبِ إقحواناتٍ لم تَخبُرْها الناسُ بعدُ
وأنَّ الله قد خبأهَا لنعشِ الشهيدْ
ولسُمرة زنديهْ
لبعضٍ من نورِ عينيهْ
علَّمتني أُمي أنَّ بعضَ الترابِ مُقدّسْ
وأنَّ آدمَ هو بعضُ قداسةْ
لا تكتملُ إلاَّ إذا أحنَى قامتَهُ العاليةَ أمام عرشِ الشهيدْ
علَّمتني أُمي أن الجهات أربعْ
وأن الأراضين سبعْ
وكذلك السماواتْ
لكن كلُّها تشرقُ وتزهرُ وتطلُّ من نافذةٍ واحدةٍ للقمرْ
هي عرشُ الشهيدْ
علَّمتني أُمي أن الشهيدَ لا يموتْ
بل يُشرقُ مع كلِّ شمسٍ وكلِّ آيةْ
ويهمسُ بكلِّ نفسٍ و كلِّ حكايةْ
ويبقَى طفلاً يحبو في قبَّةِ الله المقدسةْ
والخيمةِ المُحببةْ
لا يهرمُ
لا يشيبُ
لا يحزنُ
لا يخيبْ
مقدساً يبقَى
كما كلماتُ الله المنزلاتْ
كما اللوحُ كما الآياتْ
علَّمتني أُمي أنَّ اللهَ يملأُ الساحاتْ
وأنَّ محمداً يسكنُ الجهاتْ
وأنَّ الحسينَ ما زال يزهرُ
وأنَّ دَمَهُ ألأعاصيرُ والنسماتْ
علَّمتني أُمي أنْ أقولَ "من الذل هيهاتْ"
وأنْ أمضيَ على الدهرِ حكايةْ
تحكي اللهَ أينما حلّتْ
وأينما صالتْ
وأينما جالتْ
وتنذرَ أنَّ وعدَ اللهِ آتْ
علَّمتني أُمي أنْ أنسجَ بموتي
بُردةَ الحياةْ .
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |