الحج .. الفريضة الخامسة
منى بليبل
إلى جانب البعد الروحي للعبادة التي يفترضها الإيمان والالتزام الديني، ثمة وجه طقسي لأغلب العبادات المفروضة على الإنسان في كلّ الأديان. هذا الوجه الطقسي للفرائض يترجم العبادة على مستوى الشكل، لكنه يهدد بمصادرة مضمونها، إذا لم يتسلّح العابد بما تحتاجه العبادة من إخلاص روحي وما يستدعيه الإيمان من وعي وبصيرة تنفذ إلى الجوهر في كل مظهر من مظاهر الوجود وكل تجلٍّ من تجليات السلوك..
من هنا، يشكل الوقوف على فلسفة العبادات مقدمة ضرورية للقيام بها بالشكل الصحيح، ويشكّل البحث المعمّق في أبعاد تلك العبادات السبيل الوحيد للدفاع عن الدين الذي فرضها، انطلاقاً من هذا الهدف الذي شكّل هماً محورياً عند العديد من المفكرين الإسلاميين، وضع الدكتور علي شريعتي كتابه " الحج الفريضة الخامسة " الذي أبرز فيه الغنى الفلسفي لفريضة دينية ثرية بالطقوس. فيما يلي وقفة مطوّلة مع الكاتب والكتاب.
****
المعلم
علي شريعتي الملقّب بـ"المعلم" مفكر إسلامي إيراني مشهور، ولد في منطقة خراسان عام 1933 نشأ في أسرة متدينة معروفه بالفقه والعمل، انضوى في شبابه في حركة رئيس الوزارء السابق مصدِّق واعتُقل مرّتين أثناء دراسته بكلية الآداب التي تخرّج منها عام 1955، حصل على الدكتوراه في علم الاجتماع الديني وفي تاريخ الإسلام من جامعة السوربون في فرنسا، وأثناء تواجده في فرنسا تواصل مع جبهة التحرير الجزائرية. وفي إطار هذا التواصل، التقى مفكّرَيْ فرنسا البارزين جان بول سارتر وفرانز فانون عالم النفس الذي انضم إلى صفوف الثورة الجزائرية، وكان لشريعتي دوراً بارزاً في تعريف الإيرانيين به وبفكره. عاد شريعتي إلى إيران ليحاضر عام 1969م في حسينية الإرشاد الذي اتخذ منها منبراً لتوعية الشباب ولنشر أفكاره الإصلاحية الثورية بينهم، والدعوة لبناء الدولة الإسلامية، مما أدى إلى إغلاق الحسينية عام 1973 واعتقاله مع والده لمدة عام ونصف. وبسبب التضييق البالغ الذي تعرّض له واعتقاله عدة مرات سواء في إيران أو حتى في فرنسا، سافر الدكتور شريعتي إلى لندن حيث استشهد على يد جهاز المخابرات التابع للشاه- آنذاك- السافاك عام 1977 قبل انتصار الثورة الإسلامية بشهرين عن 43 سنة. خلّف حوالي مائة وعشرين (120) عملاً ما بين الفلسفي والأدبي والاجتماعي والسياسي، تهتم بجوهر المساواة والعدل وتنقية الإسلام مما شابَهُ عبر القرون وتدعو إلى إعادة صياغة الذات والمجتمع اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً على نحو إسلامي حقيقي.
***
الفريضة الخامسة
ردّاً على الحملات التي دأب الأعداء بشنها على الإسلام كدين وعلى أركان العبادة فيه، للتقليل من قيمة تلك العبادات وتهميش دورها في حياة الإنسان، ودفاعاً عن فريضة الحج التي يدّعي المشكّكون أنها مجرد طقوس لا تحترم عقل الإنسان، وضع الدكتور علي شريعتي ومن خلال استقراء تجربته الخاصة التي عاشها كحاج كتابه " الحج الفريضة الخامسة " الذي قدم فيه رؤية فلسفية متكاملة لتلك الفريضة، بكل ما تتضمنه من شعائر، وكل ما تستدعيه من خطوات، وبكل ما تتركه من آثار، مستلهماً من كلّ مفردة من مفردات تلك العبادة، الدور الذي ينتظر الله من الإنسان القيام به على الأرض..
فالحج وفق رؤية شريعتي هو تجسيد حي للتوحيد، أحد الدوافع المحركة لأمة المسلمين، وهو عملية ارتقاء نحو الله، وأداء شعائره، عرض لقصة الخلق وهو عرض للتاريخ وهو عرض للوحدة وهو عرض لعقيدة الإسلام وأخيراً هو عرض للأمة. والإنسان المسلم هو بطل هذا العرض الذي يُدعى المسلمون إلى المشاركة فيه كل عام.
فالحج وفق رؤية شريعتي هو تجسيد حي للتوحيد، أحد الدوافع المحركة لأمة المسلمين، وهو عملية ارتقاء نحو الله، وأداء شعائره، عرض لقصة الخلق وهو عرض للتاريخ وهو عرض للوحدة وهو عرض لعقيدة الإسلام وأخيراً هو عرض للأمة. والإنسان المسلم هو بطل هذا العرض الذي يُدعى المسلمون إلى المشاركة فيه كل عام.
***
قصة.. وعرض
في كتابه " الحج.. الفريضة الخامسة " يضع الدكتور علي شريعتي ملخّص تجربته الشخصية بعد أدائه للعمرة ثلات مرات، وأدائه لفريضة الحج الأكبر مرة واحدة، محاولاً الإجابة على تساؤلين محوريين شغلا تفكيره بعد العودة، يتعلّق السؤال الأول بماهية الحج؟ أما الثاني فيتعلّق بالدروس التي استفادها والمعاني التي استطاع استنباطها من تلك التجربة؟ وهي دروس من الثراء بحيث يشكل استلهامها مرشداً للمسلمين مدى الحياة كما يؤكد شريعتي في تفسيره للمناسك، وكما يظهر عملياً من ذاك التفسير الغني والعميق الذي يقدّمه الكاتب لشعائر الحج ولمقدّماته بدءاً بالخطوة الأولى، قرار الخروج من سياق الحياة المألوفة الرتيبة، التي تستهلك روح الإنسان إلى حد الموات، والتوجه الفعلي للقاء الله في ميقات معلوم، ومكان صحراوي يفتح جدبه أمام الروح أفق الأمن والسلام ويعطي للنفس مجال استعادة القدرة على النمو والازدهار، بعد أن هجرت ضغائنها وأحقادها ابتداءاً، واختبرت التحلل من كل ما يكبّل الأنا من عصبيات ورغائب وأوهام، مع ارتداء ثياب الإحرام التي تشابه الكفن شكلاً، وتلغي ببساطتها تاريخ الإنسان وخلفيته، وتوحد الحجيج على اختلاف انتماءاتهم، في رحلة موحدة غايتها لقاء الله الواحد .
***
ذوبان "الأنا" في الـ "نحن "
بعد عقد النية على تلبية دعوة الله للقائه حسب توصيف الدكتور شريعتي في كتابه " الحج الفريضة الخامسة" وبعد مغادرة سجن اليومي والمعتاد، وخلع أقنعة الأنا وارتداء ثياب الإحرام والالتزام بكل ما تستدعيه من محظورات، تبعد طيف الأنا بكل خصوصياتها العصبية ونزعاتها الشهوانية، وميولها الاستعراضية، تبدأ فريضة الحج بالصلاة عند الميقات عهداً مع الله بتوحيده، ثم بمشاركة الجموع وتبدأ رحلة التوجه إلى الكعبة الشريفة ورفع نداء التلبية.. إعلاناً للطاعة الكاملة وشعاراً وحيداً للتقرّب من الله ...
ومع الوصول إلى الكعبة، ذاك البناء المتناهي البساطة الخالي من أي اتجاه، تجسيداً للكونية والنهائية المطلقة، ورمزاً لله في الأرض، يغدو الطواف حول الكعبة تجسيداً للانصهار في حركة الكون، وتعبيراً عن الذوبان في المجموع. حيث كل "أنا" تذوب في الـ "نحن"، والـ "نحن" تؤلف الأمة التي تسعى إلى القربى إلى الله ..
ومع الوصول إلى الكعبة، ذاك البناء المتناهي البساطة الخالي من أي اتجاه، تجسيداً للكونية والنهائية المطلقة، ورمزاً لله في الأرض، يغدو الطواف حول الكعبة تجسيداً للانصهار في حركة الكون، وتعبيراً عن الذوبان في المجموع. حيث كل "أنا" تذوب في الـ "نحن"، والـ "نحن" تؤلف الأمة التي تسعى إلى القربى إلى الله ..
***
من طواف الحب إلى القربان
بعد الطواف الذي يبدأ وجوباً من الحجر الأسود الذي يمثل يمين الله.. ويرمز إلى مبايعته والتحرر من كل ولاء سابق حسب قراءة الدكتور شريعتي في كتابه " الحج الفريضة الخامسة".. ينتقل المؤلف ليتحدث عن الصلاة في مقام إبراهيم، المتمرّد على الظلم، محطّم الأصنام، باني الكعبة لتكون مثابة للناس وأمناً، ليرى في تلك الصلاة عهداً لله في تمثل الحاج بنهج إبراهيم(ع) في مجتمعه.. ثم يتناول سعي هاجر بين الصفا والمروة، باعتباره جهداً دنيوياً لمسعى حياتيّ باركه الله بتفجير ماء زمزم، ويرى أنّ فريضة الحج تربط بين الطواف كحالة ذوبان روحي في المجموع، وبين السعي الذي يمثل التزام بالأنا مطالب وحاجات. على هذا المنوال الروحي يكمل الدكتور شريعتي رحلة تقصّيه لمعاني فريضة الحج منسكاً إثر منسك.. ليتتبع دلالات مغادرة الحجيج ووقوفهم عند عرفات ورحلة عودتهم، مروراً بالمشعر الحرام ثم بمِنى، وهي رحلة تمثّل بدء خلق الإنسان على الأرض وإيابه تائباً إلى ربه. رحلة تبدأ بِعَرَفَة مكان هبوط آدم، وتمرّ بالمشعر رمز الوعي والشعور، وتنتهي بمِنى رمز الحب والإيمان.. حيث يفتح كل إنسان جبهة مواجهة مع الشيطان ويرميه بالجمار، ثم يختم بتقديم (إسماعيله) أي موضوع حبه الخاص قرباناً على مذبح الحب الإلهي كما فعل نبي الله إبراهيم (ع).
***
أرض مكة
يحين الحج في الشهر المبارك " ذي الحجة" على أرض مكة التي يلفّها السلام والسكينة؛ حيث لا مكان فيها للخوف والبغضاء و الحرب، يبدأ الدكتور علي شريعتي كتابه الحج الفريضة الخامسة بالحديث عن حالة التوجه إلى الله واصفاً أرض مكة:
إنها صحراء تمتاز بالأمن و السلام، و يسود فيها مناخ العبادة و الروحانية حيث يتاح للناس أن ينعموا بلقاء الله الرحمن الرحيم.
ألم تسمع نداء إبراهيم عليه السلام:
( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) [سورة الحج، آية:27].
أيّها الإنسان، يا من خُلقت من حمأ مسنون أو من صلصال كالفخار، ابحث عن روح الله فيك، واستجب لدعوته، واذهب لتلقاه - سبحانه - ينتظرك.
إنّ بقاء الإنسان في الحياة دون التوجه للإنابة إلى روح الله استهتار لا معنى له ..
حرّر نفسك من رغباتك وأطماعك التي تنأى بك عن الله، وانضم إلى الفوج البشري الخالد المهاجر إلى الله في الحج ..
ألم تسمع نداء إبراهيم عليه السلام:
( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) [سورة الحج، آية:27].
أيّها الإنسان، يا من خُلقت من حمأ مسنون أو من صلصال كالفخار، ابحث عن روح الله فيك، واستجب لدعوته، واذهب لتلقاه - سبحانه - ينتظرك.
إنّ بقاء الإنسان في الحياة دون التوجه للإنابة إلى روح الله استهتار لا معنى له ..
حرّر نفسك من رغباتك وأطماعك التي تنأى بك عن الله، وانضم إلى الفوج البشري الخالد المهاجر إلى الله في الحج ..
***
بدء الحج
(ادخل إلى الميقات فرداً) تحت هذا العنوان يكتب الدكتور علي شريعتي موصفاً بدء الحج، وارتداء ملابس الإحرام:
يبدأ العرض في الميقات. و في هذا الموضع يجب على الإنسان أن يبدّل ثيابه..
لماذا؟ لأنّ ثياب الإنسان تكسوه من الخارج مادياً كما تكسوه الشخصية من الخارج معنوياً.. بعبارة أخرى: فإنّ المرء لا يرتدي ثيابه، ولكن ثيابه هي التي تغطّيه؛ فملابسنا هي التي تعبّر عن أنماط حياتنا، و تميّزنا وتحدّد طبقتنا ووجهة تفكيرنا، و هي التي تقيم الفواصل والحدود بين الناس، مما يسبّب التفرقة بينهم في معظم الأحوال.
و أكثر من ذلك فإنّ الملابس تجعل من مفهوم " الأنا" يقتحم ، وليس مفهوم الـ" نحن " .. كلمة "أنا" - في الملبس - تأتي في سياق يعبّر عن "عنصري" أو "طبقتي" أو "عشيرتي" أو "مكانتي" أو " أسرتي " أو " مقدرتي"... و لا تعبّر عن معنى "أنا" باعتباري إنساناً.
وبعد وقفة طويلة عند لقاء قوافل الحجيج من كل بقاع العالم في الميقات، بكل ما يرمز اللقاء في ذات المكان وذات الزمان يقول شريعتي:
على امتداد الأفق يتدفق طوفان من اللون الأبيض.
كل الناس يرتدون الكفن، و لا أحد يمكن التعرّف عليه.
تُرِكت الأجساد في أرض الميقات والروح وحدها هي التي تندفع هنا.
الأسماء والأعراف والمراتب الاجتماعية لا تستطيع أن تخرق هذا التضامن العظيم، حيث ينبعث مناخ الوحدة عبر الزمان و المكان.
و.. الآن وبعد أن نزعت عنك ملابسك وكل شارة تميّزك، عليك أن تدخل إلى قلب الزحام وأنت مُحرَم، و عليك أن تنسى كلّ شيء يذكّرك بحياتك..
كلّ واحد يفني ذاته، ويأخذ شكلاً جديداً هو شكل الإنسان كما خلقه الله..
كل الأنانية والخصاصة تُدفن، وتصبح المجموعات هي الأمة ..
كلّ " أنا" تموت في أرض الميعاد لتنشأ " نحن" ..
يبدأ العرض في الميقات. و في هذا الموضع يجب على الإنسان أن يبدّل ثيابه..
لماذا؟ لأنّ ثياب الإنسان تكسوه من الخارج مادياً كما تكسوه الشخصية من الخارج معنوياً.. بعبارة أخرى: فإنّ المرء لا يرتدي ثيابه، ولكن ثيابه هي التي تغطّيه؛ فملابسنا هي التي تعبّر عن أنماط حياتنا، و تميّزنا وتحدّد طبقتنا ووجهة تفكيرنا، و هي التي تقيم الفواصل والحدود بين الناس، مما يسبّب التفرقة بينهم في معظم الأحوال.
و أكثر من ذلك فإنّ الملابس تجعل من مفهوم " الأنا" يقتحم ، وليس مفهوم الـ" نحن " .. كلمة "أنا" - في الملبس - تأتي في سياق يعبّر عن "عنصري" أو "طبقتي" أو "عشيرتي" أو "مكانتي" أو " أسرتي " أو " مقدرتي"... و لا تعبّر عن معنى "أنا" باعتباري إنساناً.
وبعد وقفة طويلة عند لقاء قوافل الحجيج من كل بقاع العالم في الميقات، بكل ما يرمز اللقاء في ذات المكان وذات الزمان يقول شريعتي:
على امتداد الأفق يتدفق طوفان من اللون الأبيض.
كل الناس يرتدون الكفن، و لا أحد يمكن التعرّف عليه.
تُرِكت الأجساد في أرض الميقات والروح وحدها هي التي تندفع هنا.
الأسماء والأعراف والمراتب الاجتماعية لا تستطيع أن تخرق هذا التضامن العظيم، حيث ينبعث مناخ الوحدة عبر الزمان و المكان.
و.. الآن وبعد أن نزعت عنك ملابسك وكل شارة تميّزك، عليك أن تدخل إلى قلب الزحام وأنت مُحرَم، و عليك أن تنسى كلّ شيء يذكّرك بحياتك..
كلّ واحد يفني ذاته، ويأخذ شكلاً جديداً هو شكل الإنسان كما خلقه الله..
كل الأنانية والخصاصة تُدفن، وتصبح المجموعات هي الأمة ..
كلّ " أنا" تموت في أرض الميعاد لتنشأ " نحن" ..
*****
شعائر الحج
يستخلص الدكتور علي شريعتي في كتابه "الحج الفريضة الخامسة" من كل شعيرة من شعائر الحج رسالة إلهية متضمنة، يفترض بالإنسان أن يقرأها بشكل سليم ليستفيد من تلك الفريضة، وفي حديثه عن الطواف يقول :
كالنهر المنساب الذي يدور حول صخرة صلدة يبدو مشهد الكعبة وهو محاط بأمواج البشر المنفعلة نفوسهم.
إنها كالشمس في المركز، والناس حولها كالأجرام التي تسبح حولها.
مدار النظام الشمسي: الكعبة قائمة في المركز، والناس يتحركون حولها في شكل دائري.
الكعبة ترمز لخلود الله ودوامه، بينما الحركة الدائرية تمثّل النشاط الدائم والحركة المستمرّة لخلائقه.
إنَّ الله تعالى هو مركز الوجود سبحانه، وهو بؤرة هذا العالم الزائل الذي نعرفه والعوالم التي لا نعرفها. وعلى النقيض يكون الإنسان! فما أنت إلا مجرّد جسيم يتحرّك متغيراً مما هو عليه إلى ما ينبغي أن يكون عليه.
وأياً كان مكانك وموقعك في أي زمان، عليك أن تجعل بينك وبين الكعبة رباطاً مستمراً دائماً، هذا الرباط يقوى ويضعف حسب السبيل الذي تختاره. والكعبة ليست هي المحطة الأخيرة. إنّ الجميع يحيطون بالكعبة كشخصية معنوية واحدة، كتلة متحركة واحدة. إنهم هوية واحدة، لا هوية منفردة لأحدهم.. رجلاً كان أو امرأة, أبيض أو أسود..إنّه تحوّل الشخص الواحد إلى المجموع المنفرد من الناس..
كل "أنا" تذوب لتصبح "نحن"، و"نحن" تؤلف "الأمة" التي تسعى إلى القربى إلى الله.. إنّ سبيل الله هو سبيل الناس، بمعنى أنّه لكي تقترب من الناس عليك أن تقترب أوّلاً من الناس..
وأياً كان مكانك وموقعك في أي زمان، عليك أن تجعل بينك وبين الكعبة رباطاً مستمراً دائماً، هذا الرباط يقوى ويضعف حسب السبيل الذي تختاره. والكعبة ليست هي المحطة الأخيرة. إنّ الجميع يحيطون بالكعبة كشخصية معنوية واحدة، كتلة متحركة واحدة. إنهم هوية واحدة، لا هوية منفردة لأحدهم.. رجلاً كان أو امرأة, أبيض أو أسود..إنّه تحوّل الشخص الواحد إلى المجموع المنفرد من الناس..
كل "أنا" تذوب لتصبح "نحن"، و"نحن" تؤلف "الأمة" التي تسعى إلى القربى إلى الله.. إنّ سبيل الله هو سبيل الناس، بمعنى أنّه لكي تقترب من الناس عليك أن تقترب أوّلاً من الناس..
خاتمة
وضع الدكتور علي شريعتي في كتابه " الحج الفريضة الخامسة " خلاصة تجربته الروحية، وخلاصة تأملاته الفلسفية في فريضة الحج. وقدّم الكتاب على شكل دعوة وصفها بالتواضع على عمقها وغناها لمشاركته التجربة الروحية العميقة التي عاشها كحاج، واستلهمها من مناسك الحج.
" الحج .. الفريضة الخامسة " الكتاب الذي ترجمه إلى العربية عباس علي زادة.. ونشرته دار الأمير في بيروت ضمن مشروعها الكبير في تعريب ونشر آثار الدكتور شريعتي باللغة العربية، والتي وصلت إلى 29 كتاباً.. هو دعوة فلسفية في 335 صفحة، لتفهم الحكمة التي من أجلها شرّع الله الحج. دعوة تفتح الأفق واسعاً أمام التفكير ليس في كل منسك من مناسك الحج فقط بل في فلسفة العبادة وفي غاية الوجود.. وفي حكمة الحياة.
" الحج .. الفريضة الخامسة " الكتاب الذي ترجمه إلى العربية عباس علي زادة.. ونشرته دار الأمير في بيروت ضمن مشروعها الكبير في تعريب ونشر آثار الدكتور شريعتي باللغة العربية، والتي وصلت إلى 29 كتاباً.. هو دعوة فلسفية في 335 صفحة، لتفهم الحكمة التي من أجلها شرّع الله الحج. دعوة تفتح الأفق واسعاً أمام التفكير ليس في كل منسك من مناسك الحج فقط بل في فلسفة العبادة وفي غاية الوجود.. وفي حكمة الحياة.
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |