العدد 583 - الأربعاء 14 رمضان 1428 هـ - 26 سبتمبر 2007 »شرفات الثقافة« ملصقات حملت صوره وإصدارات أرّخت حربه من غير «كاتيوشا»... «نصر الله» يغزو معرض الكتاب الوقت - حسين مرهون: مع انقضاء أربعة عشر شهراً على حرب يوليو/ تموز التي شن فيها الطيران الإسرائيلي هجوماً كاسحاً على لبنان، فإن حرباً أخرى أخفّ وطأة بدأت في إثرها وليس معلوماً بعد أيّان تنتهي. وبالطبع، ليس القصد من ذلك ما تردد في غضون الأسبوعين الماضيين عن غارة إسرائيلية على الأراضي السورية، ولا أي شيء مما يتعلق باغتيال النائب اللبناني أنطوان غانم قبل أيام شرق العاصمة اللبنانية (بيروت)، ولا حتى بالتداعيات التي أفرزتها جلسة البرلمان اللبناني أمس (الثلثاء) لاختيار خلف للرئيس إيميل لحود المنتهية ولايته. إنها حرب تدور رحاها في أروقة معارض الكتب وردهاتها، فيما سلاحها الأفكار والاصطفافات المتخالفة، تماماً كما هو الحادث على الأرض: مهرجان الأيام الثقافي ليس استثناء من كل ذلك. والأمر لا يقتصر على صور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله المعلقة على معظم واجهات الأجنحة لدور النشر ذات التوجه الإسلامي، الشيعي في الغالب، إنما حتى على عناوين الكتب والكاسيتات والأقراص الممغنطة التي تطرحها. لكن حذارِ هنا، فالأمر ليس حصراً على الدور الإسلامية وحدها، إنما حتى على تلك الدور ذات التوجه الليبرالي التي طرحت هي الأخرى عناوين عدة ذات صلة بالحرب الأخيرة. وإذا كان من فارق هنا، فليس أكثر من ‘’نصر’’، حيث هي الكلمة المناسبة التي تصف بها الأولى، عبر عناوين إصداراتها وقائع ما جرى، فيما تتحول الكلمة عند الثانية إلى ‘’يوميات’’ أو ‘’مذكرات’’ أو تكتفي بإيراد كلمة ‘’حرب’’ وحدها، فيما تراه الوصف الأمثل. ملصق إعلاني يتكرر بكثرة على واجهة جناح شركة المصطفى، وهي دار نشر بحرينية، يقول: ‘’نصر العرب’’. الإعلان عبارة عن إشهار لأوبريت غنائي قامت بإنتاجه مطلع العام الجاري فرقة الولاية التابعة لحزب الله بمشاركة ممثلين عرب كبار مثل الفنان السوري دريد لحام الذي يظهر حاملاً علم الحزب بلونيه الأصفر والأخضر، والفنانة المصرية رغدة التي حملت إطاراً تتوسطه صورة نصر الله باسماً، وغيرهما. ولدى سؤال مدير الدار الذي وضع إعلاناً فرعياً يعرف نفسه من خلاله على أنه ‘’الوكيل الحصري لإصدارات قناة المنار’’ قال: ‘’هو الأكثر مبيعاً’’. عند التقدم قليلاً باتجاه الأروقة الخلفية للمعرض، يطالعك إعلان إشهاري آخر تم نصبه بوضع طولي فيما يصل حجمه إلى نحو المتر ونصف المتر لمنشورات دار الفجر عن ‘’موسوعة نصر الله’’ من إعداد ونشر الدار نفسها. تقع الموسوعة التي تَشارَك في وضعها مؤلفون كثر من حقول مختلفة في ثلاثة أجزاء، كما تحقق مبيعات عالية هي الأخرى بدنانيرها الستة التي هي سعر بخس كما لا يخفى. دور نشر أخرى مثل دار البلاغة ودار العصمة ودار الأمير تكاتفت هي أيضاً في طرح عناوين ذات علاقة، فيما جاءت عناوين إصداراتها بهذا الصدد تمجيدية في حزب الله وزعيمه: ‘’هكذا تكلم نصر الله’’ و’’الوعد الصادق، يوميات الحرب السادسة’’ لمحمد بزي، ‘’الإعصار، وقائع وأسرار الانتصار’’ لأمين مصطفى، ‘’الحرب السادسة، الصمود والانتصار’’ لمحمد قبيسي.. إلخ. واختارت دار الهادي أن تأتي مساهمتها تسجيلاً صوتياً للشاعر السوري عمر فرا عبر قصيدته ‘’رجال’’ التي أطلقها في غضون الحرب وجال بها بعد ذلك على أكثر من عاصمة عربية، والتي يقول مستهلها: ‘’رجال الله يوم الفتح في لبنان كذا صار الدم العربي سكيناً وذباحاً’’. من جهتها، فإن الدور ‘’التقدمية’’، ليبرالية أو قومية، عكست هي الأخرى عبر إصداراتها - كما تمت الإشارة إلى ذلك سلفاً - اهتماماً ملحوظاً بحرب يوليو/ تموز. وفيما جاء إسهام دار رياض نجيب الريس كتاباً للزميلة خولة مطر تحت عنوان ‘’يوميات بيروت المحاصرة’’، مهر مركز دراسات الوحدة العربية مساهمته بتوزيع كتاب ‘’النصر المخضب.. يوميات الحرب الإسرائيلية على لبنان ‘’2006 من إصدار صحيفة ‘’السفير’’ اللبنانية، ضاماً إليه التقارير التي كانت تتصدر صفحتها الأولى والتي كان يكتبها للصحيفة الزميل حسين أيوب. وإذا كان هذا حال دور النشر القومية، فإن دار نشر ليبرالية مثل دار الساقي الأقرب في توجهها إلى خط 14 آذار عكست بإصداراتها توجهاً ناقداً للحرب إلى حد ما. وعبر عن ذلك كتاب المؤلف اللبناني أحمد بيضون ‘’هذه الحرب، محنة لبنان المتمادية في بيانين’’، وهو من إصدارات الدار الحديثة، إضافة إلى كتاب جليبر الأشقر وميخائيل فارشفسكي معاً ‘’حرب الـ 33 يوماً، حرب إسرائيل على حزب الله ونتائجها’’. وأمس ابتدأت أولى معارك الرئاسة اللبنانية فيما ليس معلوماً بعد ما إذا كان سيتم الاتجاه إلى حكومتين في حال أصرّت الأطراف المتخاصمة على مواقفها بشأن نصاب الثلثين أو النصف زائد واحد، أو تتجه للمزيد من التوافق. لكن المؤكد أن المعركة الدائرة داخل أروقة معارض الكتب سوف تستمر طويلاً، أو لعلها فيما خصّ الصراع الدائر حالياً في لبنان لمّا تبدأ بعد. رابط المقال : http://www.alwaqt.com/art.php?aid=76269 © 2006 صحيفة الوقت، جميع الحقوق محفوظة. www.alwaqt.com
|