الإسلام وما بعد الحداثة - الوعود والتوقعات
يمثّل هذا الكتاب محاولةً جادة في مسيرة البحث عن فهم أفضل لمقتضيات العصر الذي نعيشه، وربّما وجده القرّاء – لا سيّما أولئك الذين يملكون فكرة مقدّسة وتقليديّة عن الدّين والموروث، واعتادوا، عند الخوض في هذه المفاهيم، مراعاة التوقير والتبجيل – فظّاً وأحياناً جارحاً بسبب أسلوب اللغة، وطبيعة التصوّرات والرؤى التي يطرحها؛ لذا من المناسب بدايةً أن أوضّح أمراً مهماً وهو، إنّني لم أقصد من وراء هذا الكتاب التجديف أو الإساءة إلى القناعات، أو انتهاك الحُرُمات، بتاتاً، كل ما في الأمر، وجدت أن الالتقاط والتلفيق بين النظريّات والآراء، وأسلوب التهكّم الذي يثير الشكوك والتوتّر بين الثقافات العالميّة، كلّها أدوات مهمّة لاستيعاب مفهوم أو ظاهرة ما بعد الحداثة، وهذا ما دعانا للوقوف عندها ودراستها؛ مع مجموعة من الموضوعات ذات الصلة لم تُطرق حتى الآن، من جملتها موضوع غاية في الأهميّة، يلامس بحثنا في الصميم ألا وهو، الحضور الواسع لوسائل الإعلام، قصدتُ وسائل الأعلام الغربية الحاضرة في كل زاوية وناحية، التي تثيرنا وتفسدنا وتتجاهلنا وترسم إطار تصوّراتنا وأفكارنا، لتضعنا بالنتيجة أمام تحدّيات جمّة. من هذا المنطلق، يصبح تفهّم طبيعة وسائل الإعلام بمثابة كلمة السرّ لسبر أعماق الإنسان المسلم وسلوكيّاته وذهنيّته، وهو بالضبط ما حاولت فعله في هذه الدراسة...
المؤلف