جيو استراتيجيا الهضبة
الإيرانية
إشكالايات وبدائل
عندما يدور النقاش في أوساط عربيّة وسياسيّة عدّة حول إيران ودورها في الشرق الأوسط يتوجّس البعض مما يطلق عليه "المشروع الإيراني".
وغالباً ما يقصد هؤلاء بالدور الإيرانيّ الأثر السلبيّ أو النوايا التوسّعيّة أو الرغبة في استعادة الطموحات الامبراطوريّة السابقة تحت ستار المواجهة مع الولايات المتحدة والدفاع عن الإسلام وعن القضية الفلسطينية... وما قيل عن تصدير الثورة في هذا الإطار لم يكن مشروعاً سياسياً، بل كان مجرّد حماسةٍ ثوريّة تتوافق مع تلك الطموحات لرؤية التغيير الإسلاميّ يعمّ العالم. وحتى لو كان مشروعاً، فإنّ الحرب التي اندلعت بُعيد انتصار الثورة أدّت من ناحية عمليّة إلى انحسار هذا المشروع وغضّ النظر عنه.
والدليل على ذلك أيضاً أنّ أولويّة إيران بعد الحرب في عهد الرئيس رفسنجاني وعلى امتداد ولايتين كاملتين؛ أي ثماني سنوات أخرى بعد سنوات الحرب (1989-1997) كانت لإعادة الإعمار والتنمية والانفتاح على العالم؛ أي أنها كانت بمعنى ما سنوات التوجّه نحو الداخل ولملمة جراح الحرب والقطيعة مع سياساتها التي اتّسمت بالتوتر مع الدول العربيّة ومع أوروبا ومع معظم دول العالم؛ لأنها وقفت خلف العراق في الحرب.
فكان المشروع الإيرانيّ في هذه المرحلة وحتى عام 1997 مشروع الانفتاح على الخارج والبناء وإعادة الإعمار في الداخل. ولم يكن في ذلك أيّ ضير على الدول العربيّة. ولم يُثر حفيظتها، ولم توجّه إلى إيران طوال تلك الفترة كلها العمل من أجل "مشروع" خفيّ أو معلن أو ملتبس. لا بل كانت بدايات التسعينات مرحلة عودة العلاقات الدّبلوماسية مع معظم الدول العربيّة...