هذا الكتاب
من قائل أن السلفية زمن
مضى، إلى من اعتبرها مجرد طريقة في فهم الدين تعتمد على ما يخالف الرأي والتأويل في
اللغة والمعنى، إلى قائل أنها طريق السلف الأسلم والأعلم والأحكم، ذلك أنها –
والعهدة على ذمة القائل - طريقة في المعتقد والفقه تتسع حيناً وتضيق حيناً آخر ،
وبكل الأحوال فالمجتهد فيها إن أخطأ له أجر وان أصاب له أجران .
إلا أنها مع ذلك حملت الكثير من المواقف في مواجهة علماء الكلام على تنوعهم ، كما
ومن أهل التصوف ، والبعض عبر عنها بحركات جهادية عنفية عسكرية كما أن البعض الآخر
اعتبرها موقفا سلبيا من أي طرح آخر _ غير سلفي _ وقد أسست بذلك حركة تكفير لكل
مخالف .. هذا وفي كل مرة كانت السلفية تقدم نفسها كحام لعرى السلف الصالح، وكطرح
أوحد مدافع في وجه أي طرح مختلف عنها في الحيثيات والرؤى ..
الأمر الذي يضعك أمام
تساؤلات تبدأ ولا تنتهي : ما السر في هذا الجدل القائم حول السلفية؟ وهل فعلا أن
السلفية لا تقبل الحوار؟ أم أنها من الاتجاهات القائلة ان الاختلاف لا يفسد في الود
قضية؟
كيف بدأت السلفية ، وما هي البيئة التي كانت كل مرة تتولد فيها ؟
وهل للسلفية مشروعها الخاص ؟ ثم هل كان هذا المشروع مكتملا من اللحظة الأولى للنشأة
؟ ام أنها تكاملت بمشروعها منذ الإمام ابن حنبل إلى ابن تيمية وابن عبد
الوهاب وابن لادن اليوم ؟ وإذا كانت سنة التكامل قد طالتها، فكيف يكون ذلك وهي
القائلة بحرفية فهم النص ، والنافية لأي رأي وتأويل ؟
وبغض النظر عن هذا وذاك .. إلى أي مدى وفقت السلفية بين الدعوة والدولة ؟ والى أي
مدى أثرت في طروحات الحركات الإسلامية؟
وعند منعطفات الصراع، هل تحمل السلفية قابليات خاصة على أن تبرر الوسيلة عندها
الغاية، أم أنها ترفض أي تطويع يمارسه الواقع على المبدأ؟
وما علاقة السلفية بالبيئات المتنوعة من بيئة نجد الحضرية منها والبدوية إلى بيئة
مصر وباكستان وأفغانستان والعراق وبلاد الشام وغير ذلك؟
لكل هذه الأسباب التي تتشابك حول عنوان واحد هو السلفية .. ولأن المعرفة لا تكون
الا بعرض الواقع كما هو وتوصيفه ومعرفة أسبابه ومعاييره .. ولأننا طلاب معرفة ..
كان لا بد من إقامة مثل هذه الحلقة البحثية حول السلفية آملين أن يكون الجو العلمي
الهادئ والخالي من أي مشاحنات وقبليات هو الحاكم والمهيمن على جو الطرح والحوار ..
إذ ليس المقصود من لقائنا التبليغ بالسلفية ولا تشويه صورتها ، بل كل المطلوب هو أن
نتعرف على واقع موجود وظاهرة قائمة ..
راجين التوفيق من الله سبحانه والسداد والرشاد ..