هذا الكتاب

هذا القاموس الذي بين أيدنا اليوم " قاموس المصطلحات الفلسفية عند صدر المتألهين " يحاول أن يرصد المصطلح الفلسفي الصدرائي، الذي انطلق بعضه من المواد الموجودة في المعجم الاصطلاحي التقليدين ولكنه أعطاها أبعاداً جديدة. ففي الوقت الذي نشاهد فيه الكثير من المصطلحات الفلسفية أمثال: الوجود والعدم والمثال عند غيره من الفلاسفة، نجد التعريف الصدرائي تعريفاً جديداً كل الجدة.

ثم إن المصطلحات الكلامية أمثال الحشر والنشر والميزان، هذه المفاهيم تمتلك المعاني الجديدة التي لا تتوافق مع ما هو رائح من تعابير أصحاب الشرائع، ولا تتوافق والفرضيات الكلامية، مما يجعلها أقرب إلى الفهم الفلسفي لذلك كان لا بد من أن تنضم إلى معجم الفلسفة.

كما أن صدرا أضاف إلى المصطلح الفلسفي العديد من المصطلحات المنتزعة من القرآن الكريم والروايات الشريفة، مما أدى إلى إيجاد مصطلحات جديدة، لم تكن متوفرة في السابق. ومن جملة المصطلحات التي ذكرت في فلسفة صدر الدين، هناك العديد منها قد أخذ من العرفان، والحكمة الإشراقية، والقصص الديني.

وأخيراً هناك العديد من المصطلحات الفلسفية المحضة خضعت لتأويل وتفسير ذوقي في فلسفة صدر المتألهين، مثال ذلك: إن الخيال يختلف عند الفارابي، وابن سينا، وابن رشد، وأبي البركات البغدادي، عن المعاني الموجودة عند صدرا، حتى إن فهم السهروردي هو غير المعنى الذي فهمه صدر الدين.

وبالعودة لمادة هذا القاموس نجد أنه يتميز بخصائص متعددة:

أولاً: جرى ترتيب القاموس بحسب اللفظ دون العودة إلى الجذر، فجاء لفظ الموجود مثلاً تحت حرف الميم لا الواو، ولفظ تأثير تحت حرف التاء، وأبقى على "آل" كما هي في النص الفارسي كحرف منفصل.

ثانياً: إن عناية الكاتب بإبراز المعنى للمصطلح الفلسفي الخاص بالملا صدرا لم يعفه من الإشارة إلى المعنى الرائج عند بقية الفلاسفة في كثير من الأحيان، وحسب ما يقتضي بيان الموضوع.

ثالثاً: صيغت مادة هذا القاموس بلغة بحثية، تظهر كيفية تعاطي العقل الإيراني مع المصطلح الفلسفي، مما يساعد على إيجاد مدخل لتفاعل حضاري فاعل بين الثقافة العربية والثقافة الإيرانية، ولم يلجأ الكاتب إلى النقل الحرفي، إلا عندما يعبر النقل عن معنى مقصود لذاته، ويمكن الاكتفاء به للتعبير عن وجهة نظر صدرا.

رابعاً: جمع هذا القاموس زوايا التفكير الصدرائي، وجعلها أمام القارئ، مما يستهل على الباحث الاستفادة من المادة الموجودة كمقدمة للقيام بعمل بحثي أوسع عليها.

خامساً: لجوء الكاتب إلى معظم مؤلفات صدرا، وعدم اكتفائه بطبعة واحدة، مما أنتج نظرة شمولية تدقيقية للفلسفة الصدرائية.

سادساً: مقدمة بحثية شاملة للدكتور سجادي، تدرس تاريخ الفلسفة الإسلامية بشكل مختصر، وتظهر مصادر الحكمة المتعالية وأسماء الفلاسفة والمتكلمين والرواة، الواردة أسماؤهم في كتب صدرا، بالإضافة إلى أسماء الكتب الواردة في مؤلفاته.