الشيخ تقي الدين
النّبهاني
داعية الخلافة الإسلامية
. .
ظلّ النبهاني ذلك الرجل الغامض، رغم وفرة مؤلفاته وفرادة آرائه وفتاواه؛ ذلك أنّ
نشأته الفكريّة والحركيّة الأولى التبست بقربه من التيار القومي والإخوان المسلمين
على حدّ سواء، مع أنّه لم يرتبط بأيّ منها علناً، ولم يسجّل له أيّ نشاط سياسيّ قبل
نكبة فلسطين 1948م، سوى حضوره اجتماعاً عاماً لكتلة القوميين العرب في حيفا. . .،
وكان المدرّس فالقاضي الشرعي في فلسطين، قبل أن يشتهر كمفكر وسياسيّ وداعية. تخلّى
أخيراً عن منصب القضاء كي يتفرّغ لحزب التحرير، فكانت رحلة طويلة من العمل السرّي
امتدّت ربع قرن، بين الملاحقة والطّرد، والعيش في المنفى. اشتهر بآرائه السياسيّة
والحزبيّة كما بفتاواه المخالفة للتيّار الفقهيّ السائد، وجرّت عليه خصومته مع
جماعة الإخوان المسلمين، ردوداً واتهامات كثيرة، لكنه الوحيد من بين رموز الإسلام
الحركيّ ممّن أنشأ حزباً سياسياً بكل معنى الكلمة؛ حيث تمكن من الصمود أولاً ثم
الانتشار ثانياً.
ومن المفارقات أنّ مراكز الأبحاث الاستراتيجيّة الموصولة بمراكز القرار في الغرب،
والتي ترصد ظاهرة تنظيم "القاعدة" وكلّ الظواهر الشبيهة بها أو الموازية لها، رصدت
في السنوات الأخيرة، حزب التحرير، ووضعته تحت المجهر، بسبب نهوضه في بلدان آسيا
الوسطى المستقلة حديثاً عن النفوذ السوفياتيّ، وبسبب انتشاره في دول الغرب بين
الجاليات العربيّة والإسلاميّة عموماً؛ ولأنّ فكره يقوم أساساً على مبدأ إعادة دولة
الخلافة العالميّة، ورفض الكيانات السياسيّة المعاصرة، فضلاً عن نقض مشروعيّة
النظام الدوليّ، مع أنّه في الوقت ذاته يرفض استخدام العنف لتحقيق الهدف.