في هذا
الكتاب تقابلت الأفكار المادية للعالم الغربي مع منطق
الإسلام العظيم، مع مقايسة بينهما بأسلوب جالب وجاذب.
فهذه المجموعة تتعهد بتحليل مسائل متنوعة اجتماعية
وسياسية واقتصادية في الحضارة الغربية وفي الإسلام،
وبالإفادة من الأدلة المذكورة في الكتاب بإمكان القارئ
أن يدرك بوضوح: أن الإسلام وفي سبيل ضمان الأمن والدعة
للمجتمع لا يعده لتقبل الحضارة الشاملة والتقدم بها
فقط، بل هو في تعاليمه القيمة يولي عناية خاصة بتفاهم
الأمم المختلفة المسلمة من ناحية، والابتعاد بهم عن
العصبية أمام سائر الأمم من ناحية أخرى. وهو يقرر بذلك
بين الأمم والشعوب أواصر قريبة جداً ويدعن العوامل
الأساسية للتقدم الحضاري، وهو بالتالي يحتوي على كل
العناصر الإيجابية والبناءة لبناء ثقافة إنسانية
وعالمية ضمن حضارته الشاملة.
لم يحدث في
الإسلام -خلافاً للمسيحية- بين مباحث الدين والعلم
نزاع وصدام، بل يشهد التاريخ أن هناك علماء كبار
تقدموا بخطوات ملفتة للنظر ف يظل الإسلام وفي حدود
الشرائط الزمانية والمكانية لهم في مختلف العلوم
والحقائق التجربية، وكانوا بالنظر إلى بحوثهم العلمية
واستنباطهم للقواعد الإنسانية رواد العالم خلال خمسة
قرون. والذي يسر للمسلمين السبيل إلى هذا الرقي المادي
ومكنهم من ذلك وكان هو الإسلام، الذي رغب المسلمين ما
أمكن في اقتناء العلوم والفنون حتى شوقهم إلى ذلك،
ونفث بذلك نعمة جديدة في عصر كان أسيراً بيد العصبيات
القومية والدينية (البطالة) واستبدل بروح التعاون
العلمي والحضاري تلك العصبيات السائدة في العلم القديم. |