إشكاليات التعارض وآليات التوحيد
العلم والدين من الصراع إلى الأسلمة

 

طُرِحت نظرياتٌ عدّةٌ لتحديد العلاقة بين العلم والدّين، منها ما رسم الحدود الفاصلة بين الطرفين بتوظيف الدين في مجال تقديم الأوامر والنواهي، والعلم في الكشف عن الواقع، ولم تمنع هذه النظرية من بقاءِ نقاطِ التّداخل بين العلم والدين لأن الدين بقي يدخل إلى مختبر العالم، فيأمره وينهاه عن بعض أبحاثه العلمية.

وتطرف آخرون فقالوا: إنّ العقل الإنسانيّ، وابنه البكر (العلم) قادران على اجتراح الحلول التي تداوي أدواء الإنسانيّة، فلا يحتاج الإنسان إلى مصدر من خارج حدود عقله ليقترح عليه ويقدّم له الوصفات السحريّة النافعة! ولكنّ الإنسان هو الإنسان، كانت له حاجاته ودوافعه التي تدعوه إلى التطلّع إلى السماء لاستمطار توصياتها وحلولها. وسيبقى كذلك ما دامت تغلبه الأطماع ويشذّ به الطموحُ الجامحُ عن الصراط السويّ. وقد أثبت تاريخ الإنسانيّة أنّ العلم وحده ربّما يسدّ للإنسان رمقاً، ولكنّه لن يسمنه ولم يكبح جماح افتئاته على حقوق غيره من الكائنات، بل على المهد الذي يحتضنه منذ أن دب على هذه الأرض الطيبة؛ ولذلك سوف يبقى كل من العلم والدين وعلى الإنسان أن يحسن الاستفادة منهما، وأول الغيث توضيح طبيعة العلاقة بينهما.