جديد دار الأمير : ديوان " على وجه الدخان أطفو " للشاعرة هزار طباخ .
كتب محمد حسين بزي :
خمس سنوات مرّت على معرفتي بــ هزار ، خمس سنوات ويبقى الشعر ظامئاً، ولم يرتوِ، ولم نرتوِ بعد.. كأنه الدخان الهارب من نار القصائد المحسودة في هجير صعب.
هناك، كانت تتكئ الحروف ساعة عطش، ولا تسندها إلا بحة صوت متفرّدة، تسكنك كبصمة إبداع خفية إذا ما قرأت هزار بعض شعر، فيستحيل إلى بعض جنون .. كيف لا وهي القائلة:
يا شطّ .. حرضّني عليّا
قلني بآهٍ .. ثمّ آهٍ
ثمّ نقّلني لأطوارٍ عليّا
إجعله ذاكرة الشروقِ
لعلّها الرؤيا تبعثِرُنا سويّا
عينيَّ .. بينهما المدى زمنٌ
أضاعتني ثوانيه ..
وضاعتْ منه فيّا .. !
ما مرَّ من شفتيّ قدّاسٌ ..
هَمى بحنوّهِ
إلاّ وأضحتْ مقلتيه النورَ قدّاسَ المحيّا
وأنا .. أناهُ
وبعضُ بعضِ حلولِه
وأنايَ ... ذاكرةٌ تردّتْ من يديّا !
تفتتح هزار ديوانها الذي يقع بــ 150 صفحة من القطع المتوسط بقصيدة "ما تبعثر من جريدة"، ثم تتوالى القصائد إسماً فوق رسم متقن: عشر أنامل، لإعادة التكوين قصة، لو تكلّم البجع الحزين، للغصن شهوة التيه، فصل من صلاة الورد، لحنها الخريفي، ظلاّن .. ظلّ واحد، تركوا الصدى، مرّ أمامي .. سقطت وردة، رسالة من غزة، سؤال غائر، مولاي، غيمة .. تكاد تكون، وهرمنا، ضمّها أكثر ... أكثر، قبيل انطفاء الريح، لتختم مع الحلاج الصوفي المصلوب بقصيدة: ركعتان يصح وضوؤهما بالدم ..!
رحلة تجاوزت السنوات الخمس بقرن من الشعر الجميل.. فعندما تقف أمام هكذا نصوص تسبق زمانك بسرعة الضوء.. ولا غرابة إذا ما كانت هزار أميرة على البيان هنا.
|